سياسةخارج الحدود

ترامب يقطع الطعام عن الجوعى: حين تتحدث إسرائيل، تصمت الإنسانية!

ضربة قلم

في خطوة تُجسد الانحدار الأخلاقي والسياسي لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أوقفت الولايات المتحدة تمويل برامج الطوارئ التابعة لبرنامج الأغذية العالمي، تلك البرامج التي تُبقي الملايين على قيد الحياة في بلدان تمزقها الحروب والفقر مثل أفغانستان وسوريا واليمن و11 دولة أخرى. هذه القرارات الجائرة، والتي وصفها برنامج الأغذية العالمي بأنها قد تكون بمثابة “حُكم بالإعدام” على الأبرياء الجوعى، تعكس قسوة مفرطة وتجرّدًا مقززًا من أبسط القيم الإنسانية.

ولأن المصائب لا تأتي فرادى، فقد استهدفت هذه الجولة من التخفيضات تحديدًا بعضًا من آخر برامج الإغاثة التي لا تزال تُشرف عليها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، ما يثير أكثر من سؤال عن التوقيت والدوافع. هل أصبح الجوع أداة سياسية؟ وهل صارت حياة الملايين رهينة نزوات إدارة تُضحي بكل ما هو إنساني في سبيل أجندات ضيقة وانحيازات إقليمية فاضحة؟ من يراجع سلوك إدارة ترامب، لا يسعه إلا أن يتساءل: هل تملي تل أبيب على واشنطن من يجب أن يأكل ومن يجب أن يُترك للموت البطيء؟

البرنامج، الذي يُعدّ الشريان الغذائي الوحيد لملايين الجوعى، لم يجد أمامه سوى إطلاق مناشدات عبر منصات التواصل الاجتماعي، في محاولة يائسة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. أما واشنطن، فتغلق الأبواب، وتكتفي بالتفرّج على المأساة التي ساهمت في صناعتها، إن لم نقل إنها تتلذذ بامتدادها.

أما وعود مسؤولين كماركو روبيو بعدم المساس بالمساعدات الحيوية، فلم تكن سوى فقاعات إعلامية، تسقط عند أول اختبار. لقد فضحت هذه الخطوة زيف الشعارات الأميركية حول “الديمقراطية” و”حقوق الإنسان”، وأكدت أن إدارة ترامب لا تملك فقط فائضًا من الغطرسة، بل عجزًا مخيفًا عن فهم المعنى الحقيقي للإنسانية.

وهكذا، بينما تتضور شعوب بأكملها جوعًا، يواصل ترامب سياساته المتهورة، وكأن شيئًا لم يكن. لكنّ التاريخ لا ينسى، والضمير الإنساني، وإن طال نومه، لا يموت. وستُكتب هذه اللحظة السوداء في سجلات العار، لا كقرار مالي عابر، بل كجريمة أخلاقية موصوفة، ارتُكبت بدم بارد، وتحت ضوء كاميرات إعلامية لا تزال تتظاهر بالدهشة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.