مجتمع

تقرير السلوك المدني 2025: المغرب بين الهوية والشوارع المبعثرة

ضربة قلم

من الفضاءات المتسخة إلى قلوب تأكلها الفردانية

أطلّ علينا “المركز المغربي للمواطنة” بتقرير يفضح المسكوت عنه: المغاربة لا يتصرفون كمواطنين… بل كعابرين لا علاقة لهم بالمكان الذي يعيشون فيه، وكأن الشارع ملك لغيرهم، وكأن الفضاء العام حاوية مهجورة، لا تستحق لا الاحترام ولا النظافة.

هل نحن في وطن أم في محطة انتظار عشوائية؟

  1. خلفيات السياق : التحولات التي أكلت الحياء
  • المدن تتضخم… العلاقات تتبخر.
  • التضامن الذي كان… صار مجرد “لايك” على الفيسبوك.
  • المدرسة العمومية تحولت إلى مركز للإيواء النهاري، والأسرة أصبحت مقاولة للتبرؤ من المسؤولية.
  • من وسط هذا الخراب، وُلدت دراسة تريد أن تفهم: لماذا أصبح المغربي لا يحترم لا القانون، لا الطابور، لا الفضاء العام، ولا حتى الجار؟
  1. السلوك المدني : الضحية التي لا بواكي لها
  • 45% لا يحترمون قواعد اللباقة.
  • 44% لا يعرفون معنى “جارك قبل دارك”.
  • 52% يعتبرون المرأة كائنًا لا يستحق الاحترام الكامل.

نعم، هذه الأرقام لا تأتي من تقرير في كابول أو صنعاء، بل من وطننا الذي يردد صباحًا “الله، الوطن، الملك” ومساءً يرمي النفايات من نافذة السيارة!

  1. البيئة؟ أي بيئة؟
  • 74% يرمون النفايات وكأنهم ينتقمون من الأرض.
  • 70% يدمرون تجهيزات الفضاء العام، ربما لأنها تذكرهم بأنهم مواطنون.
  • 67% لا يحترمون المساحات الخضراء، لأنها غالبًا ليست “خضراء” بل ترابية جرداء.

أين الإيمان؟ أين الدين؟ أين حب الوطن؟ كلها شعارات نرفعها في الأعراس والخُطب… وننسفها بسيجارة في حديقة عامة.

  1. زمن اللا-نظام : حين يصبح الفوضى نمط حياة
  • 61% لا يحترمون قوانين السير.
  • 53% لا يراعون الهدوء في الأماكن العامة.
  • 33% فقط يرون أن اللباس يجب أن يكون لائقًا في الأماكن العامة.

ما هذا؟ هل نحن في بلاد القانون أم في ندوة مفتوحة للتمرد الفرداني؟

  1. أكبر الكبائر الاجتماعية : لا تسأل عن الأخلاق… اسأل عن التسول
  • 92% يعترفون أن التسول ظاهرة مستفحلة، لكن لا أحد يتحرك.
  • 93% يرون أن احتلال الملك العام صار طبيعيًا، حتى صار المقهي يُقام فوق ممر الراجلين.
  • 84% يلاحظون تشويه الفضاء العام، لكن أغلبهم يشارك فيه.
  1. كأس العالم 2030؟ نعم، ولكن بشوارع نظيفة أولاً

قبل أن نُرحب بمنتخبات العالم، يجب أن:

  • نُخفي الغش التجاري (85%).
  • نغسل أحياءنا من القاذورات (82%).
  • نحمي الأطفال من الشوارع (77%).

نحتاج إلى كأس حياء قبل كأس العالم.

  1. من المسؤول؟ الجميع يتفرج
  • 66% يعتبرون الحكومة غائبة عن ضبط السلوك المدني.
  • التأثير المنتظر من كأس العالم على التغيير السلوكي؟ فقط 23% يرونه إيجابيًا… يعني حتى كرة القدم لم تعد تُلهم.
  1. من يربينا؟ ومن خذلنا؟
  • الأسرة؟ نعم، يُفترض أنها حجر الأساس، لكنها اليوم منهكة.
  • المدرسة؟ تُلقّن، لكن لا تُقوّم.
  • الدين؟ في الوجدان، لكن تأثيره تآكل.
  • الإعلام؟ مشغول بـ”التفاهة اليومية”.
  • القانون؟ غائب أو ضعيف أو انتقائي.
  1. التوصيات التي تشبه صرخة في الظلام
  • لا يكفي تدريس المواطنة… بل يجب أن نمارسها.
  • لا يكفي التذكير بالقانون… بل يجب أن يُفعل.
  • لا يكفي بناء مساجد… بل يجب أن تُنظف الشوارع التي تحيط بها.
  • لا يكفي الترويج للهوية… بل يجب أن تُترجم إلى أفعال.

خاتمة: أيها المواطن، افعلها أو انسحب

نحن أمام مفترق طرق:

  • إما أن نُحول هذا الوطن إلى فضاء للكرامة والنظافة والانضباط…
  • أو نواصل التدهور ونُجهز على ما تبقى من “المدنية” في سلوكنا.

الوطن لا يُبنى بالشعارات ولا بالدعاء… بل باحترام الطابور، بعدم البصق في الطريق، بعدم التسول في كل زاوية، وبالاعتراف بأننا جزء من المشكل.

فإذا كنا فعلاً نحب هذا البلد… فلنبدأ بتنظيفه. من شوارعنا، من ألسنتنا، ومن ذهنياتنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.