مجتمع

تقرير رسمي يكشف المستور: المغاربة بين تحسن الدخل واتساع الفجوة الاجتماعية!

ضربة قلم

في تقرير حديث أعدته المندوبية السامية للتخطيط، تم تسليط الضوء على واقع الأسر المغربية بين 2022 و2023، حيث تكشف الأرقام عن تحسن طفيف في مستوى المعيشة، لكن على حساب الطبقة الوسطى التي تآكلت بفعل الأزمات. ورغم تقلص معدلات الفقر المطلق، فإن الفوارق الاجتماعية تزداد عمقًا، خاصة مع ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع الإنفاق على قطاعات مثل الصحة والتعليم والترفيه.

فهل تعكس هذه الأرقام الواقع المعيشي الحقيقي؟ وهل السياسات الحكومية كافية لمواجهة هذه التحديات؟ في هذه القراءة النقدية، نغوص في أعماق التقرير ونكشف ما بين السطور!

  1. النقاط الإيجابية في التقرير:
  • المنهجية الواضحة: التقرير يستند إلى منهجية مفصلة، حيث شملت العينة 18,000 أسرة موزعة على مختلف الفئات الاجتماعية والمناطق، مما يعزز تمثيلية النتائج.
  • تفصيل شامل للمؤشرات الاقتصادية والاجتماعية: يغطي التقرير العديد من الجوانب مثل تطور نفقات الأسر، مصادر الدخل، الفجوات الاجتماعية، والفقر النقدي والمتعدد الأبعاد.
  • تحليل متوازن لتأثير جائحة كوفيد-19: يُظهر التقرير كيف أثرت الجائحة على مستويات المعيشة، مع تسجيل تراجع واضح بين 2019 و2022 بعد فترة من التحسن بين 2014 و2019.
  • مقارنات زمنية وإقليمية: التقرير يعقد مقارنات بين الفترات الزمنية (2014-2019-2022) وبين المناطق الجغرافية، مما يسمح بفهم التحولات بشكل أعمق.
  1. الملاحظات النقدية والتحديات:

أ. غياب تحليل معمق للأسباب الجذرية للظواهر:

  • بالرغم من أن التقرير يعرض البيانات المتعلقة بمستوى المعيشة والفقر، إلا أنه لا يقدم تفسيرات كافية حول العوامل الأساسية التي تقود إلى تفاقم التفاوتات الاجتماعية. فمثلاً، لم يتم التوسع في دور السياسات العمومية ومدى فعاليتها في مواجهة التفاوتات.

ب. تركيز مفرط على الأرقام دون تحليل اجتماعي كافٍ:

  • التقرير يركز على الأرقام والنسب المئوية بشكل مكثف لكنه لا يمنح مساحة كافية لـ الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية العميقة. فمثلاً، تم رصد تراجع مستوى معيشة الطبقة الوسطى وارتفاع معدل الهشاشة، لكن لم يتم تحليل الأسباب الهيكلية مثل ضعف السياسات الضريبية أو تأثير التضخم.

ج. غياب توصيات سياسية واضحة:

  • التقرير يستعرض النتائج ولكنه لا يقدم حلولًا أو توصيات واضحة حول كيفية تحسين مستوى معيشة الأسر أو تقليص الفجوات الاجتماعية.

د. التركيز على الفقر النقدي مع إغفال بعض الأبعاد الأخرى:

  • رغم أن التقرير تناول الفقر متعدد الأبعاد، إلا أن تركيزه الأكبر كان على الفقر النقدي (المتمثل في القدرة على الإنفاق). هذا قد يكون قاصرًا لأن مستوى المعيشة لا يعتمد فقط على الدخل، بل يشمل أيضًا جودة الخدمات الصحية، جودة التعليم، البنية التحتية، والاستقرار الاقتصادي.

هـ. التأثير المحتمل للسياسات الحكومية لم يُناقش بشكل كافٍ:

  • التقرير يذكر أن “السياسات الاجتماعية كان لها أثر ملموس في تخفيف الفقر”، ولكنه لا يفصل في أي السياسات كانت فعالة وأيها لم ينجح، مما يجعله تقريرًا وصفيًا أكثر منه تحليليًا.
  1. الخلاصات والتوصيات:

التقرير يقدم نظرة شاملة بالأرقام حول مستوى معيشة الأسر، وهو مفيد لصانعي القرار.
لكنه يحتاج إلى تحليل أعمق للأسباب الجذرية للفجوات الاجتماعية، وإلى تقديم اقتراحات عملية لتحسين السياسات الاقتصادية والاجتماعية.
من الضروري أن يتم تعزيز التقارير المستقبلية بدراسات نوعية (Études qualitatives) تعتمد على شهادات الأسر والاستماع إلى تجاربهم لفهم تأثير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية عليهم بشكل مباشر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.