دفاتر قضائية

تيكيوين… حيث “تشي غيفارا” الحومة يتحدى الشرطة بسيف “السوبرمان”!

ضربة قلم

مرة أخرى، تُضطر عناصر الشرطة في مفوضية تيكيوين لاستخدام أسلحتهم الوظيفية في مواجهة أحد خريجي مدرسة “الزنقة العليا للتخدير والسواطير”. نعم، إنه المواطن الذي يبلغ من العمر 34 سنة، لكنه يعيش وكأن عمره 340 سنة من العبث والسوابق القضائية، وكلها ممهورة بخاتم “مطلوب للمرة الألف، لكنه داير فيها فنان شارع”.

المعني بالأمر كان في حالة تخدير متقدمة. و”متقدمة” هنا لا تعني أنه اجتاز المستوى A1 في اللغة الألمانية، بل أنه اجتاز كل مستويات الوعي الإنساني، وأصبح يرى نفسه فارسًا مغوارًا في معركة خيالية ضد قوى الشر، وهم طبعًا… المواطنون والشرطة.

مشهد من فيلم رعب… محلي الصنع!

تخيل المشهد: ا مساء الأمس الخامس من أبريل، والناس بين من يحضّر شربة الحريرة وبين من يشاهد مسلسل تركي، وإذا بعاشق الأكشن المحلي يظهر في الحي، يتأبط سيفًا أو ساطورًا أو ما تبقى من غطاء محرك سيارة مسروقة. الرجل، وقد نبتت له عضلات وهمية بفعل “القرقوبي بروتين”، بدأ يلوّح بسلاحه الأبيض، وكأنه نينجا خرج من مسلسل الرسوم المتحركة، لكن مع اختلاف بسيط: لا يوجد سيناريو، ولا موسيقى تصويرية، فقط صراخ وهرج ومرج.

المواطنون؟ فئران تجارب!

بعض المواطنين حاولوا إقناعه بالكلام الطيب: “خويا عافاك، راك غالط، راك في تيكيوين ماشي في GTA San Andreas”، لكنه أصر على متابعة فيلمه الداخلي. بدأ يطارد كل ما يتحرك: بشر، قطط، ظلال، وحتى أفكاره الهاربة. إلى أن تدخلت الشرطة، تلك المؤسسة التي أصبحت تُستدعى هذه الأيام كما يُستدعى “الفقيه” لطرد الجني من رأس زبون عنيد.

السلاح الوظيفي… حين يصبح آخر الدواء الرصاص!

رجال الأمن، وبعد أن استنفدوا كل تقنيات التهدئة: “أجي نهضرو، أجي غير شوية”، وجدوا أنفسهم في مواجهة شخص يعتقد نفسه “سوبرمان”، لكن بدون طيران، فقط السواطير. وهنا، لم يكن أمامهم سوى استعمال أسلحتهم الوظيفية، لأن السواطير لا تناقش، والمجانين لا يخضعون للمنطق، والشارع لا يتحمل المزيد من “الإبداع الإجرامي”.

تخدير؟ أم سياسة عامة؟

ولأننا في المغرب، حيث كل ظاهرة تحمل في طياتها جذور أزمة أعمق، لا بد أن نطرح السؤال: كيف وصل شاب في عز شبابه إلى هذا المستوى من التحلل العصبي والجنائي؟ هل كان ذلك صدفة؟ أم نتيجة لنظام تعليمي يحتفل بيوم الغش أكثر من يوم العلم؟ هل هو نتاج تهميش مزمن؟ أم إدمان مقنن عبر “القهاوي العشوائية” التي تبيع “النفحة” أكثر مما تبيع الشاي؟

تيكيوين اليوم… مسرحية بلا مخرج

المدينة الهادئة، التي كان يفترض أن تكون جزءًا من الحل في خريطة المغرب الجديد، صارت عنوانًا لمشاهد متكررة من “الأكشن الحزني”. الأمن يحاول، لكن الواقع أقوى. لأن من يبيع المخدرات لا ينام، ومن يروّج الحبوب المهلوسة لا يعرف أزمة بطالة، ومن يسهر على برامج الوقاية لا يخرج من المكاتب المكيفة.

أما المواطن البسيط؟ فهو يتابع ما يحدث من نافذة منزله، يضع يده على قلبه، ويتساءل: “واش نعيش ولا نهرب؟”.

خلاصة القول:

في بلد يُضطر فيه الأمن لاستعمال السلاح في كل مرة يظهر فيها “بطل من ورق” يحمل ساطورًا ويظن نفسه في معركة كربلاء، لا بد أن نسأل: هل سنظل نحتفل بعد كل إطلاق نار بأنه “تمت السيطرة على الوضع”، أم سنفكر كيف نحول هذه “الأوضاع” إلى مجرد ذكرى من الماضي؟

وإلى أن يتحقق ذلك، سيظل رجل الشرطة في تيكيوين يضع يده على زناد الحقيقة، بينما يضع المواطن يده على رأسه، منتظرًا الفاصل الإعلاني القادم من “دراما الواقع المغربي”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.