جمعيات “كوبي-كولي”: عندما يتحول الدعم العمومي إلى سباق للدرهم الذهبي

ضربة قلم
في نشرة خاصة بعنوان “احذروا الجمعيات المستنسخة”، توصل رؤساء الجماعات برسائل ناعمة المظهر لكنها تحمل بين سطورها نبرة توبيخ من العيار الثقيل، قادمة مباشرة من وزارة الداخلية. التعليمات الصارمة جاءت موقعة بحبر لا يجف، مفادها: “كفى من توزيع الدعم العمومي وكأنه عرض ترويجي في موسم التخفيضات!”.
العمال، الذين تحولوا فجأة إلى مفتشين سريين، بدأوا “بتجبيد” آذان رؤساء الجماعات بطريقة تذكرك بمشهد درامي حيث يُمسك الأستاذ بأذن تلميذه الكسول. السبب؟ تقارير دقيقة (نعم، دقيقة مثل الساعة السويسرية) كشفت عن تنامي ظاهرة الجمعيات “الزومبية”، تلك التي لا ترى لها أثرا إلا عند فتح صناديق الدعم.
تخيلوا جماعة صغيرة في ضواحي أولاد حريز، سكانها لا يتجاوزون 100 ألف نسمة، لكنها تستضيف أكثر من 300 جمعية! أي بمعدل جمعية لكل 333 مواطناً، أو لنقل بصراحة: لكل “جيب” فارغ يبحث عن درهم عمومي. والمضحك المبكي أن هذه الجمعيات تتقاتل للحصول على دعم لا يتجاوز 1000 درهم للجمعية، مبلغ بالكاد يكفي لشراء أوراق الطباعة التي ستُقدم عليها طلبات الدعم القادمة.
التقارير الداخلية رصدت أيضاً مشاهد فكاهية لجمعيات “نائمة” منذ تأسيسها، لدرجة أنك قد تحتاج لإيقاظها بجرس إنذار. نشاطها الوحيد يتمثل في تقديم طلبات الدعم، مع بعض الاجتماعات الرمزية التي لا تتجاوز مدة تحضير الشاي المغربي.
أما رؤساء الجماعات فقد تلقوا نصائح “ذهبية” لتجنب الوقوع في فخ الجمعيات المشبوهة، عبر اتباع منهجية صارمة تشمل التحقق من الأنشطة الفعلية وبرامج العمل الحقيقية، وليس فقط صور الاجتماعات التي تُنشر على الفيسبوك كدليل على “الحيوية”.
ولأن الكوميديا لا تنتهي هنا، فقد أمر وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت الولاة والعمال بإعادة النظر في ميزانيات 2025، رافضاً أي بند يتضمن زيادات مشبوهة في دعم الجمعيات. بعض العمال أرجعوا ميزانيات كاملة إلى المجالس الجماعية، كما لو كانوا يقولون: “أعيدوا المحاولة، لكن هذه المرة بدون غش”.
الخلاصة؟ يبدو أن موسم الصيد قد انتهى بالنسبة لجمعيات “الدعم السهل”، وحان وقت الغربلة. فمن يدري، ربما نجد أخيراً جمعيات تنجز شيئاً حقيقياً غير ملء استمارات الدعم!
تبارك الرحمان من حسن إلى احسن إن شاء الله
تحياتي أستاذنا الصبيح الفصيح
شكرا جزيلا أخي وصديقي الكريم.
تحياتي الصادقة.