مجتمع

جولة أبريل: عندما يصبح الحوار مجرد موسم سياحي للنقابات

ضربة قلم

مرة أخرى، يخرج علينا رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، رافعًا شعار “الحوار الاجتماعي جاي!”، في محاولة لتذكيرنا بأن العجلة لا تزال تدور… ببطء سلحفائي، ولكنها تدور. جولة أبريل الجديد للحوار الاجتماعي على الأبواب، والمشهد يبدو كإعادة عرض لحلقة قديمة من مسلسل مكسيكي طويل، بطله الحكومة، وضحاياه العمال، والنقابات مجرد كومبارس يحاول أخذ لقطة “سيلفي” مع الباطرونا قبل أن يُطلب منه الصمت.

نفس العبارات تتكرر: “لقاءات متفرقة”، “الملفات الشائكة”، “تحسين الدخل”، “إصلاح التقاعد”، “مراجعة مدونة الشغل”… حتى الميكروفونات حفظت النصوص. وكأننا أمام عرض مسرحي بمخرج واحد وممثلين فقدوا الإحساس بالمسرح.

طبعًا، الحكومة لا تبخل علينا بما تراه “مكتسبات تاريخية” — زيادة الشغيلة بـ 1000 درهم مقسطة، على دفعات تشبه جرعات دواء ضد السكتة القلبية، وتوزيع نسبة 10% من الحد الأدنى للأجر كمن يعطي كسرة خبز لمن يتضور جوعًا، شرط أن يقسمها على سنتين. أما النقابات، فترفع راية “النضال المستمر” من مكاتب مكيفة لا تعرف رائحة العرق ولا هموم الكراء والدواء.

ثم يأتي إصلاح التقاعد… يا سلام! هذا “البعبع” الذي يخيف الجميع، إلا الذين يقررون فيه. الصناديق فارغة؟ لا بأس! الحل بسيط: لنرفع سن التقاعد أكثر، ولنقلّص المعاش أكثر، ولنحمّل الأجير ثمن الفساد والتبذير والتقاعد المريح لجنرالات السياسة والإدارة والنقابة. أما المواطن الكادح، فسيظل يحلم بتقاعده كما يحلم بلقاء مجاني مع طبيب اختصاصي.

ومدونة الشغل؟ تلك الأخرى تشبه وثيقة خرجت من متحف الزمن الجميل. لا تراعي واقع “الفريلانس”، ولا تحمي كرامة العامل المؤقت، ولا تحاسب رب العمل “المتشاطر” الذي يرى في الأجير مجرد آلة تُستهلك وتُرمى.

المهم أن الحكومة والنقابات سيجتمعون… سيأكلون، سيشربون، سيتبادلون كلمات الود، ثم يصدرون بلاغًا منمقًا يتحدث عن “روح المسؤولية”، و”التقدم الملموس”، و”مواصلة التشاور”، بينما المواطن البسيط يتفقد جيبه الخاوي ويتساءل: هل هذا فعلاً حوار؟ أم أنه “مونولوغ” حكومي يُبث على قناة “خلي دار بوك ساكت”؟

كفى من الكاميرات والبروتوكول، وكفى من تقديم الفتات بشكل يجعلنا نصفق من فرط الامتنان. إذا كان الحوار الاجتماعي مجرد مناسبة موسمية للظهور الإعلامي وترديد نفس الأسطوانات، فالأفضل أن تُعلنوا عن موسم “الضحك على الذقون”، لأن على الأقل الكوميديا أرخص وأكثر صدقاً.

فليُفتح باب التفاوض الحقيقي، أو فلتُغلق هذه المسرحية المهزلة، فقد شبع المواطن وعوداً، وآن له أن يرى شيئاً يُؤكل، لا شيئاً يُقال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.