اقتصادمجتمع

حتى الهواء لم يعد مجانياً… هل تستعد الحكومة لتضريب الفرح؟!

ضربة قلم

ها نحن ذا، نعيش في زمن بات فيه الأوكسجين آخر ما لم يطله التضريب… حتى إشعار آخر! بعد أن فرضت الحكومة ضرائب على الدخل، والاستهلاك، وحتى الإيجارات المؤقتة، لم يتبقَّ للمواطن إلا انتظار قانون جديد يضع ضريبة على “الشهيق والزفير”، وربما يجرّم “الفرح الزائد عن الحد” بصفته سلوكًا متهورًا يضر بالنظام المالي للدولة.

المغرب اليوم يشهد مرحلة جديدة من التضييق الجبائي، حيث لم يعد أصحاب العقارات والمستثمرون في الإيجارات المؤقتة بعيدين عن عين الرقيب، فقد أصبحت مداخيلهم تحت المجهر، وعلى الجميع – باستثناء الفئات التي لا تحتاج إلى التصريح بأي شيء – أن يسارعوا إلى تسوية وضعيتهم الضريبية، أو مواجهة عقوبات غير قابلة للتفاوض. فمنصات مثل Airbnb وBooking، التي كانت تُعتبر نافذةً اقتصاديةً لكثيرين، تحولت الآن إلى فخ محكم تُحاصر فيه الأرباح قبل أن تُجنى، وتُحصى المداخيل قبل أن تُصرف.

الصرامة الضريبية في أبهى صورها
وفقًا للمادة 154 مكرر من المدونة العامة للضرائب، أصبح كل مالك عقار أو صاحب حق انتفاع مطالبًا بالإدلاء بتفاصيل دقيقة عن ممتلكاته، ومداخيله، بل وحتى رقم قيده في سجل الخدمات الجماعية. أما من اختاروا الاستثمار في الإيجارات اليومية عبر الإنترنت، فعليهم الالتزام ليس فقط بضريبة الدخل، بل بضريبة القيمة المضافة، وضريبة الإقامة، وضريبة الترويج السياحي، حتى يكاد الأمر يبدو وكأن العقار نفسه “يُستأجر” من مصلحة الضرائب قبل أي مستأجر محتمل.

الجهات المختصة، عبر حملات المراقبة التي لا تهدأ، أرسلت رسالة واضحة: لا أحد فوق القانون، إلا من هم “فوق القانون”! المخالفون سيواجهون مراجعات ضريبية مفاجئة، وعليهم أن يصححوا وضعهم قبل أن تتدخل آلة الدولة الجبائية. أما الذين يجهلون هذه القوانين، فليتفضلوا بالبحث عن خبير محاسب قبل أن يجدوا أنفسهم في مواجهة غير متكافئة مع الإدارة الضريبية.

“التضريب التصاعدي”: الحل لكل الأزمات!
الهدف الرسمي لكل هذه التدابير هو تعزيز الامتثال الضريبي وتحقيق “العدالة الجبائية”، لكن على أرض الواقع، كل المؤشرات تؤكد أن السوق العقارية ليست مستعدة لتحمل هذا العبء الجديد. فقد ارتفعت الاحتجاجات، وتصاعدت المخاوف بشأن تأثير هذه الضرائب على أسعار الإيجارات، وبدأت موجة من التردد بين المستثمرين الذين كانوا يرون في الكراء المؤقت فرصة رابحة، ليجدوا أنفسهم الآن أمام شراكة غير مرغوبة مع الدولة في مداخيلهم.

وفي النهاية، لا يبدو أن المغاربة بحاجة إلى مزيد من الإقناع بأنهم يعيشون في زمن الجبايات المطلقة، حيث لا شيء خارج دائرة الأداء، إلا الامتيازات التي تُمنح لفئات لا تحتاج إلى تبرير ثرواتها. فمتى يأتي الدور على الهواء؟ ومتى يصبح الفرح جريمة يعاقب عليها القانون؟ هذا ما سنكتشفه في الفصول القادمة من ملحمة “الضرائب بلا حدود”!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.