مجتمع

حدث هذا اليوم: شاطئ السابليت بالمحمدية يشهد مأساة غرق دركي

ضربة قلم

في يوم مشمس بدا عادياً على شاطئ “السابليت” بمدينة المحمدية، تحولت الأجواء فجأة إلى مشهد مأساوي لن يُمحى بسهولة من ذاكرة كل من شهده. كانت أمواج البحر تتلاعب برفق على الرمال الذهبية، حيث تجمع بعض المصطافين للاستمتاع بيوم من السكينة، قبل أن تعصف مأساة مفاجئة بالهدوء، وتترك المكان غارقًا في الحزن والذهول. دركي شاب، في مقتبل العمر، اختار أن يخطو إلى مياه البحر، ربما بحثًا عن انتعاشة قصيرة، أو هروبًا لحظيًا من روتين الحياة ومسؤولياتها الثقيلة، دون أن يدري أن تلك الخطوة ستكون الأخيرة في مسيرته.

دخل البحر بثقة من اعتاد على الماء أو ربما من ظن أن لا خطر يتهدده في هذا اليوم الذي لا يبدو مختلفًا عن غيره. لكن دقائق قليلة كانت كافية حتى تبدأ ملامح الكارثة في التشكّل. غاب الجسد عن الأنظار، واختفى الصوت بين هدير الأمواج، تاركًا خلفه ألغازًا وأسئلة لم يجد أحد لها جوابًا لحظتها. عيون المترقبين اتسعت بالذعر، والصرخات بدأت تشق الهواء المثقل بالقلق، تستدعي النجدة وتستنفر الضمائر قبل الأجهزة.

هرعت فرق الوقاية المدنية إلى المكان بكل ما أوتيت من سرعة، يساندها عدد من المتطوعين الذين لم يقووا على البقاء مكتوفي الأيدي أمام مشهد بدا في ظاهره بسيطًا وفي جوهره مأساويًا. عمليات البحث انطلقت وسط توتر شديد، والأمل كان معلقًا بخيط رفيع، يتلاشى شيئًا فشيئًا كلما مضت الدقائق. في تلك اللحظات، لم تكن هناك رتب ولا ألقاب، لم يكن هناك سوى مشاعر إنسانية خام تتفجر في أعين زملائه، الذين وقفوا مشلولي الحركة إلا من الدموع التي انسابت بغزارة، تعبيرًا عن الحزن العميق الذي اجتاحهم.

كان هذا الشاب، بحسب شهادات الحاضرين من زملائه وأبناء المنطقة، معروفًا بسلوكه المثالي، وبأخلاقه الرفيعة التي فرضت احترامه في قلوب من عرفوه عن قرب. لم يكن مجرد زميل في السلك العسكري، بل كان أخًا وأحد أولئك الذين تلمس فيهم روح النقاء والطيبة. فقدانه لم يكن مجرد خسارة فردية بل جرح غائر في جسد الجماعة التي كانت تراه جزءًا من نسيجها الإنساني والمهني.

مزيج من الحزن والذهول ظل مسيطرًا على الأجواء، وكأن المكان كله دخل في حداد صامت. الأطفال توقفوا عن اللعب، الكبار انكفأوا في أماكنهم، والأمواج واصلت ضرب الشاطئ كأنها تواسيهم بصوتها الرتيب. الجميع كان ينتظر معجزة ما، شيئًا يكسر رتابة الموت القادمة من عمق البحر، لكن المعجزة لم تأتِ، وبدلًا منها طغت مشاعر الفقد والقهر على المكان.

ومع تقدم الوقت، ومع كل محاولة بحث لم تُثمر، كانت الحقيقة القاسية تتجلى شيئًا فشيئًا أمام الجميع: صديقهم الشاب قد فارق الحياة في حضن البحر الذي ابتلعه دون رحمة. هكذا، في لحظة عابرة، اختطفه الموت في غفلة من الجميع، ليبقى اسمه محفورًا في قلوب من عرفوه، وصورته ترفرف في سماء ذكرياتهم التي لن تطالها يد النسيان. لقد كتب هذا الحادث المؤلم صفحة حزينة جديدة في تاريخ هذا الشاطئ الذي كان شاهدًا على آخر لحظات حياة شاب لم يخطئ إلا بثقته في هدوء البحر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.