حلم التغيير: نحو وطن أكثر عدلاً وكرامة

ضربة قلم
نعم، كثيراً ما نتحسس حاجتنا العميقة في تحقيق الحلم، حلم أن نعيش في بيئة أكثر عدلاً، وأكثر رغبة في التغيير للأفضل، حتى نتمكن من أن نرى بلدنا يسير نحو التقدم الحقيقي. نحلم باليوم الذي يمكن فيه لكل مواطن أن يعيش حياة كريمة، بعيداً عن ضغوطات الفقر والظروف الصعبة التي يكابدها يومياً.
ماذا لو أصبحنا قادرين على تحسين القدرة الشرائية لجميع المواطنين من خلال زيادة الحد الأدنى للأجور بشكل يتماشى مع احتياجاتهم الحقيقية؟ تلك الزيادة التي قد تساهم في تحقيق توازن حقيقي بين الأجور والاحتياجات اليومية، وتساعد على دفع العجلة الاقتصادية دون أن نزيد من الأعباء على الفئات الهشة. فنحن لا نريد أن نكون مجرد أرقام في معادلة تكاليف مضافة، وإنما أن نصبح جزءًا من حل حقيقي.
أليس من حق المواطنين أن يحلموا بامتلاك سكن، ولكن دون أن يكونوا مضطرين إلى تحمل عبءٍ إضافي يرهقهم؟ ماذا لو تم تبني سياسات سكنية تدعم الراغبين في التملك من خلال آليات حقيقية ومستدامة، بحيث تبقى الدولة بعيدة عن بيع الشقق، وتكون هي الراعية لتسهيل العملية عبر قروض مدعمة أو تسهيلات حقيقية تسهم في تخفيف الضغط عن المواطن؟
وفي سياق آخر، نتمنى أن نفتح عيوننا يوماً لنرى مشاريع تطويرية حقيقية تنطلق من قلب القرى، حيث توجد الدواوير التي عاشت على هامش التنمية لعقود طويلة. مشاريع بنية تحتية تكون بمثابة جسر يربط هذه المناطق بالعالم الحديث، تنطلق من خلالها أوراش بناء مستشفيات ومدارس ومرافق حيوية، بما يتماشى مع التطور المعماري الحديث واحتياجات الأجيال القادمة.
هل يمكننا أن نحلم بيومٍ يعيد لرجال التعليم مكانتهم، ويعيد لهم الأمل في العمل في بيئة تسود فيها التقدير والاحترام؟ من المؤلم أن نتحدث عن واقع مأساوي يعاني فيه المعلمون من ظروف عمل قاسية، من نقص في الموارد، ومن مشاكل مهنية لا تنتهي. ورغم ذلك، يظل هؤلاء الأبطال يستمرون في أداء رسالتهم النبيلة.
أما فيما يخص القطاع الصحي، فإننا نتطلع إلى رؤية مستشفيات مزودة بأحدث المعدات الطبية، تقدم خدمات صحية ذات جودة عالية وبأسعار معقولة للجميع. حلمنا أن لا يصبح الذهاب إلى المستشفى مجرد مغامرة، بل رحلة للراحة والشفاء. نحلم باليوم الذي نرى فيه المسؤولين في المستشفيات وهم يحترمون مهنهم ويمارسون عملهم بأمانة، بعيداً عن طمع الجشعين الذين يأخذون المال تحت الطاولة، ويغتنون على حساب المرضى الضعفاء.
لكن هذا الحلم يتطلب خطوات جادة نحو معالجة الأزمات التي يعاني منها المواطنون. مثلًا، لم يعد مقبولاً أن تستمر مشاهد الفساد التي تُغطيها الأجهزة الأمنية والصحية، وأن تبقى مثل هذه الجرائم دون محاسبة. فمتى نستطيع أن نرى العدالة وهي تحقق في قضايا الفساد؟ متى نرى المساءلة الحقيقية لأولئك الذين يتلاعبون بمصير الشعب من خلال الصفقات المشبوهة؟
هل حلمنا بعيد المنال؟ أم أننا بالفعل على وشك تحقيقه إذا تضافرت الجهود، واتحدت الإرادات لتحقيق التغيير المنشود؟ كلما ساد الوعي العام، وكلما تمكنا من جعل العدالة تُلاحق الفاسدين بكل قوة، ستزداد فرصنا في بناء وطن يليق بطموحات أبنائه.