مجتمع

“دبلوم على المقاس”… من طنجة بدأت هذه الحكاية!

ضربة قلم

اهتزّت المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بطنجة على وقع فضيحة أكاديمية غير مسبوقة، بعد أن تقدّم عدد من الأساتذة بشكاية رسمية إلى رئيس جامعة عبد المالك السعدي ووزير التعليم العالي، يتهمون فيها إدارة المؤسسة بارتكاب خروقات بيداغوجية خطيرة خلال عملية تخرج فوج 2024-2025.

حسب المراسلات، فإن عدداً من الطلبة حصلوا على دبلوماتهم رغم عدم استيفائهم لجميع الوحدات الدراسية، وبعضهم نال معدلات دون العتبة القانونية. المشكلة الكبرى أن الإدارة -حسب الأساتذة- اعتمدت على مقتضيات دفتر بيداغوجي جديد (رقم 1451.25 لسنة 2025)، في حين أن هؤلاء الطلبة يتبعون النظام القديم (رقم 2086.14 لسنة 2014)، وهو ما يعتبر خرقًا قانونيًا صريحًا.

ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد، بل فُتحت النار أيضًا على نظام “الدبلوم المزدوج” مع مؤسسات فرنسية، إذ حصل بعض الطلبة على الشهادات رغم انقطاعهم عن الدراسة لسنوات.
الأساتذة الغاضبون وصفوا الأمر بأنه “تمييز طبقي أكاديمي” بين الطلبة القادرين على أداء كلفة الدراسة في الخارج، وغير القادرين على ذلك.

القضية أثارت ضجة واسعة، وأعادت النقاش حول نزاهة المداولات الجامعية ومصداقية الدبلوم الوطني، وسط دعوات إلى تدخل عاجل من الوزارة وفتح تحقيق شفاف.

وهكذا، يبدو أن التعليم العالي في المغرب يعيش مرحلة “الابتكار البيداغوجي المتقدم”، حيث لم يعد الطالب مضطرًا إلى النجاح في جميع الوحدات، أو حتى الحضور إلى المحاضرات. يكفي أن يعرف الطريق إلى السكرتارية أو إلى المؤسسة الشريكة في فرنسا، ليحصل على الدبلوم معبّأ في ظرف أنيق، مختوم بخاتم “صُنع في طنجة”.

الدبلوم اليوم، يا سادة، لم يعد ثمرة كفاح ولا جهدٍ أكاديمي، بل صار يشبه “البطاقة البنكية”: من يملك الرصيد، يسحب ما يشاء من “وحدات دراسية” على الصعيد الدولي!
أما الفقراء من الطلبة، فعليهم أن يكتفوا بقراءة عبارات “الدبلوم المزدوج” في مواقع التواصل، تمامًا كما نقرأ نحن إعلانات الشقق الفاخرة ونحن في الكراء.

أما النظام البيداغوجي الجديد رقم 1451.25، فهو على ما يبدو رقم الحظ الذي جعل بعض الطلبة “يستوفون المواد تلقائيًا”. نظام عصري صار النجاح فيه تلقائيًا بالابتسامة أو بالعلاقات العامة.

والأجمل في كل هذا أن الإدارة استعملت نص قانوني لا يسري على المعنيين أصلًا، وكأننا في مطعم أكاديمي فاخر: “هل ترغب بنظام 2014 أم 2025؟ لدينا اليوم عرض خاص على الدبلومات نصف المطبوخة!”

لكن، وبكل جدية، ما جرى في طنجة ليس مجرد حادث عابر، بل زلزال أكاديمي يهدد فكرة العدالة التعليمية من أساسها.
فحين تُوزَّع الدبلومات بلا استحقاق، يُسحب البساط من تحت أقدام آلاف الطلبة الذين سهروا الليالي ودرسوا بجد.
وعندما يصبح الدبلوم سلعة، تضيع معه القيمة، وتتحول الجامعات إلى أسواق موسمية لا تنتج كفاءات، بل شهادات “صالحة للاستعمال الفوري”.

الخاتمة:

يا ليت “تشي غيفارا التعليم” يطلّ علينا ليقول:

“الدبلوم أو الموت!”
لكن يبدو أن الواقع اليوم يقول شيئًا آخر:
“الدبلوم… ولو بالغش!”

وحتى إشعار آخر، ستظل بعض المؤسسات تخرج أفواجًا من “المديرين قبل التخرج”، لأن المغرب – يا سادة – صار بلدًا يصدّر الكفاءات الورقية قبل أن يصنع الكفاءات الحقيقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.