
ضربة قلم
في سابقة رمزية تعبّر عن وعي جماهيري متزايد بقضايا العالم، يستعد جمهور فريقي باريس سان جيرمان (PSG) وإنتر ميلان (Inter)، يوم السبت 31 ماي 2025، خلال المباراة المنتظرة بين الفريقين، للقيام بحركة تضامنية صامتة، لكنها مدوية. الحدث؟ عند الدقيقة 15 من الشوط الأول، يُدير المشجعون ظهورهم للملعب، في خطوة رمزية تعبّر عن رفضهم لـ”العالم الذي يدير ظهره لما يحدث في غزة”، كما ورد في الدعوة المتداولة على نطاق واسع.
الرياضة تتجاوز الملعب
هذه الدعوة، التي انتشرت تحت شعار “دقيقة واحدة لكتابة التاريخ”، تكشف عن التحول المتسارع في العلاقة بين الرياضة والشأن الإنساني. فالملعب لم يعد فقط فضاءً للفرجة، بل تحول إلى منبر عالمي للتعبير عن المواقف، ووسيلة فعّالة لتسليط الضوء على قضايا تتجاهلها أحيانًا عواصم القرار أو وسائل الإعلام الكبرى.
الدقيقة 15: صمت يفضح الصمت
اختيار الدقيقة 15 ليس عبثيًا؛ إنها لحظة قصيرة، لكنها مشحونة بالدلالات. هي زمن كافٍ ليقول فيه جمهور من آلاف الأشخاص: “نرفض أن نكون جزءًا من اللامبالاة”. في تلك الدقيقة، سيُدار الظهر للكرة، ويُوجّه إلى الضمير العالمي. إنها حركة احتجاجية صامتة تُدين تجاهل العالم لما وصفته الحملة بـ”الإبادة الجماعية” التي يتعرض لها المدنيون في غزة.
كرة القدم: لغة الإنسان
لقد أثبتت الرياضة، مرارًا، أنها ليست فقط مجالًا للترفيه، بل لغةً عالمية تجمع الشعوب حول القيم الكبرى. من أولمبياد المكسيك 1968 حين رفع رياضيون سود قبضاتهم ضد العنصرية، إلى مقاطعة جنوب إفريقيا في حقبة الأبارتايد، كانت الملاعب دومًا ساحات للرسائل الكبرى. واليوم، تُضاف مباراة PSG وInter إلى هذا التاريخ الرمزي، حيث تصبح الدقيقة 15 لحظة مقاومة ناعمة بصوتٍ صامت ولكن مسموع.
حين يتحوّل الجمهور إلى ضمير
هذه المبادرة تضع الجمهور في موقع الفاعل وليس المتفرج. إنها تذكير بأن الجماهير ليست فقط “كومبارس” في مسرح الكرة، بل تمتلك قدرة على إحداث فرق، على إيقاظ الضمير الجمعي، وتحويل المدرجات إلى مساحة احتجاج وسلم ورسالة.
النشر والمشاركة: كرة تتجاوز حدود الميدان
الرسالة الأخيرة التي تحملها الدعوة – “À relayer au maximum” (انشروها لأقصى حد) – تعكس وعيًا بقوة الشبكات الاجتماعية في تعميم هذا النوع من الحركات الرمزية، وتوسيع دائرة التضامن من الملعب إلى شاشات الملايين.
في الختام:
مباراة باريس سان جيرمان وإنتر ميلان لن تكون مجرد منافسة رياضية، بل ستُسجَّل – ولو لدقيقة – في ذاكرة الوعي الإنساني، حيث تتحول الأكتاف المدارة للملعب إلى وجوه موجهة نحو غزة، ونحو الضمير.




