دورة ماي بالمحمدية تُهرّب إلى المنطقة الصناعية: مصادقات بالجملة… وغياب تام لقضايا الساكنة!

ضربة قلم
من الناحية الشكلية، فإن جدول الأعمال يتضمن تسع نقط كلها تدور حول محورين لا ثالث لهما: الدراسة والمصادقة. هذا التكرار النمطي لنوع القرارات يشي بتوجه واحد ومغلق في التسيير، وهو الرغبة في تمرير ملفات جاهزة دون نقاش حقيقي أو عرض بدائل أو فتح المجال أمام التداول العمومي أو حتى الخلاف السياسي الصحي. الصياغة البيروقراطية للعبارات: “الدراسة والمصادقة”، “مشروع اتفاقية”، “ملحق تعديلي”، كلها تشي بأن المجلس ليس في وارد التفكير أو التشاور، بل في وارد التمرير السريع.
أما من حيث المضمون، فالنقط التسع تتعلق كلها بشراكات واتفاقيات مع جمعيات ومؤسسات، دون وجود أي نقطة تهم البنيات التحتية، أو التهيئة الحضرية، أو مشاكل النقل، أو البيئة، أو أي ملف استراتيجي يهم ساكنة المحمدية بشكل مباشر. وكأن الجماعة، بعد تجميد أو تقليص الدعم السنوي المباشر، وجدت في الاتفاقيات الثنائية مع بعض الجمعيات والمؤسسات طريقاً بديلاً لتصريف شراكاتها، بشكل يُثير تساؤلات حول أولوياتها الحقيقية في ظل ما تعرفه المدينة من اختناقات عمرانية، وتراجع في جودة عدد من الخدمات الأساسية. هذه المقاربة، وإن كانت مشروعة من حيث المبدأ، إلا أنها قد تعكس توجهاً يُغيب النقاش العمومي المفتوح، ويفضل التعاقدات الانتقائية على السياسات الشاملة والمندمجة.
وإذا تمعنا في طبيعة الاتفاقيات المعروضة، نجدها تركز على شراكات مع جمعيات أو هيئات غير واضحة الأدوار، أو مرتبطة بمشاريع فضفاضة مثل “تعزيز الأداء”، أو “الإدماج السوسيو-اقتصادي”، أو “تشجيع رياضة الدراجات الهوائية”، وهي مواضيع قد تكون مفيدة لو جاءت في سياق شامل، لكن ورودها كعناوين شبه وحيدة في دورة كاملة يطرح تساؤلات حول الأولويات: هل هذه هي مشاكل المحمدية الآن؟ هل تمت هذه الشراكات بناء على تقييم للحاجيات؟ هل هناك تتبع لنتائج اتفاقيات سابقة؟ أم أننا أمام عملية إعادة تدوير لنفس المنهجية التي تجعل من الجماعة مجرد ممول عمومي غير مشروط؟
الأخطر أن من بين هذه النقط، نجد ملحقات تعديلية لاتفاقيات سابقة، مما يعني أن هناك تغييراً في الشروط أو التمويلات أو الأطراف، دون أن نعرف لماذا هذا التعديل؟ وما هي دوافعه؟ وهل سبق تقييم الاتفاقية الأصلية؟ ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول الشفافية والرقابة على هذه الشراكات.
إجمالاً، تعكس دورة ماي 2025 لجماعة المحمدية نمطاً تقنوقراطياً مغلقاً في التسيير، خالياً من روح النقاش السياسي والمساءلة العمومية، ومبنيًّا على منطق التمرير الهادئ لمشاريع موجهة أساساً لجمعيات ومؤسسات معينة، تحت يافطة “التعاون” و”الإدماج”، بينما تغيب قضايا المواطنين اليومية من طرق وصحة ونقل ونظافة وأمن عمراني. كما أن تهريب الدورة بعيداً عن المدينة يمثل إشارة مقلقة إلى غياب الإرادة في إشراك الساكنة، ويكرّس الانطباع بأن التسيير المحلي في المحمدية لا يزال حبيس قرارات أحادية بلا محاسبة حقيقية.