ديربي بنكهة الرماد: حين تنطفئ نار الشغف في قلوب جمهور الرجاء والوداد

ضربة قلم
حين تُقصى الوداد من كأس العرش على يد المغرب التطواني، ويُغادر الرجاء المنافسة ذاتها على يد الاتحاد الإسلامي الوجدي، فاعلم أن “زمن الأعذار” قد انتهى، وأن الديربي القادم، ولو جرى في التاريخ الموعود، لن يجري في القلوب.
نعم، ديربي البيضاء على الأبواب، في 12 أبريل، ولكن أين الحماس؟ أين الأهازيج؟ أين “ولد الحومة” الذي كان يبيع قميصًا مستعملًا فقط ليحضر المدرج؟ أين ذاك الإحساس المقدّس بأن هذه المباراة أكبر من دوري وأكبر من مدرب وأكبر من لاعب؟ كل شيء الآن يبدو وكأنه يُلعب داخل غرفة انتظار مكتظة بالملل والخيبة.
هزائم تكشف الأزمة العميقة
خروج الرجاء والوداد من ثمن نهائي كأس العرش ليس حادثًا عابرًا، بل هو عرض واضح لأزمة بنيوية تضرب عمق الفريقين:
- الوداد، الفريق الذي لطالما تغنّى بقوته، خسر أمام فريق يقاتل لأجل البقاء، دون أن يُظهر حتى “روح الوداديين”.
- الرجاء، الفريق الذي كان يسمى “العالمي”، انهار أمام الاتحاد الإسلامي الوجدي، وهو فريق لا يتصدر حتى عناوين الصحف الرياضية.
هل هذه صدفة؟ أم أن “الزمن الذهبي” قد أدار وجهه؟ هل نحن أمام أزمة تسيير؟ أمام كبوة؟ أم أمام إفلاس تدريجي تسير فيه الكرة البيضاء ببطء مميت؟
البطولة الوطنية: أرقام بلا روح
الوداد ثالث الترتيب، بـ11 فوزًا و10 تعادلات و4 هزائم، خلف الجيش الملكي فقط بنقطتين… جيد على الورق، ولكن الأداء؟ بارد، باهت، دون هوية.
الرجاء، ثامن الترتيب، يترنح بـ9 انتصارات و10 تعادلات و6 هزائم… فريق “كان” يحلم بالنجومية القارية، أصبح يعاني من “دوار المحلي”.
تاريخ الديربي: حين كان للتاريخ معنى
137 مباراة بين العملاقين، 39 انتصارًا للرجاء، 33 للوداد، و65 تعادلًا.
في كأس العرش، 16 مواجهة: 7 للرجاء، 6 للوداد، 3 تعادلات. أرقام كانت تُسخّن الميدان… أما الآن، فحتى الأرقام تئن من الإهمال.
نتيجة 5-1 الشهيرة للرجاء ضد الوداد، تحوّلت إلى ذكرى محفوظة في جيوب الرجاويين، بينما يكتفي الجيل الحالي بميمات فايسبوكية على وقع: “ديربي شكون فيه النعاس أقل!”
جمهور متعب… وعقلية هاوية
جمهور الدار البيضاء، وهو الأعظم عددا والأكثر ولاءً في إفريقيا، يشعر اليوم بأنه خُدع. صبر كثيرًا على وعود الإصلاح، وتحمّل أخطاء التسيير، لكنه لم يعد قادرًا على تبرير هذا الانحدار العاطفي.
اللاعبون لا يشعرون بحرارة الديربي، والمسيرون غارقون في الصراعات، والمدربون يأتون ويذهبون كأنهم في محطة قطار.
هل نبالغ؟ اسأل أي مشجع في الزنقة، سيقول لك:
“هاد الديربي؟ شنو فيه؟ غير كايضيعو لينا الوقت، وكيحرقو الأعصاب، باش؟ باش نسمعو المدرب كيقول بعد الهزيمة: لعبنا مزيان ولكن الحظ ما كانش؟!”
ديربي بلا معنى؟
الديربي الذي كان يُشعل المقاهي، يوقف حركة السير، ويفرض صمتًا ثقيلا في البيوت، تحوّل اليوم إلى “مباراة روتينية” بين فريقين تائهين. حتى الإعلام لم يعد متحمسًا، وحتى الإشهار فقد لذته.
ما لم تعُد الروح، ويُحاسب المسؤول، وتُبنى فرق تستحق اسمها، فإن ديربي البيضاء لن يساوي أكثر من خبر عابر في نشرة جوفاء.