رئيس جماعة نهاراً… و”كابران” شبكة دولية للتهريب ليلاً!
حكاية الأصوات التي أبحرت على زورق مطاطي

ضربة قلم
آه يا وطني، يا أرض العجائب، حيث تتحول صناديق الاقتراع إلى صناديق سحرية، تخرج منها الكائنات الخارقة: رئيس جماعة نهارا، و”كابران” شبكة دولية للتهريب ليلا، و”فهم تسطى” في المحاكم صباحا. ما بين كوزمت ومراكش، ليس هناك فقط جبال وأودية، بل أيضا مسافات طويلة من الفساد المتين، المرصع بذهب الأصوات التي تُشترى وتُباع كما تُباع الطماطم في سوق أربعاء.
القصة، يا سادة، ليست فقط عن رئيس سابق لجماعة قروية تحول إلى ربان لزورق مطاطي محشو بآلاف الكيلوغرامات من الحشيش، بل عن نموذج سياسي مغربي من الطراز الرفيع: رجل “خدّام البلاد” الذي لا يهدأ له بال حتى يربط بين التنمية المستدامة والتهريب المستمر، بين المجالس المنتخبة والمجالس المظلمة في أعماق البحر، حيث تنتظر الحاويات الأوروبية وصول الشحنة.
في البداية، يدخل المرشح قاعة الانتخابات كالملاك الطاهر: يوزع الوعود، يشتري القلوب، يعانق العجائز، ويقبل الأطفال كما لو أنهم مفاتيح الجنة. لكن ما أن يُعلن عن فوزه، حتى يتحول إلى جنرال في جيش المتاجرين في الأصوات، ويمد يده اليمنى إلى عون السلطة ويده اليسرى إلى “الكومندار” في الشواطئ الخفية، ليُطلق العنان لأكبر عملية تجارية: أصوات الناخبين مقابل عائدات الشيرا.
نتكلم عن 9 أطنان و800 كيلوغرام، يعني تقريبا وزن جميع وعود الحملة الانتخابية، محشوة في زورقين مطاطيين، انطلقا ليس من الميناء، بل من ضمير ميت منذ زمن. لا ننسى طبعا السيارة المزورة، رمز التحايل السياسي الذي يبدأ من بطاقة الناخب إلى بطاقة الرماد.
وحين تقع الفأس في الرأس، تنطلق المسرحية القضائية: تمهيد، تأجيل، براءة من التهم الثقيلة، وإدانة بتهم “خفيفة على القلب”، مثل مصادرة الشبكة البحرية، كأن المشكلة في الشباك وليس في السمك الكبير! ثم غرامة مالية فيها روح الفكاهة القضائية: 400 ألف درهم، وكأننا نتحدث عن مخالفة سير وليس عن تهريب دولي للمخدرات!
أما الـ205 مليون درهم غرامة للجمارك؟ فهي تشبه تلك الفاتورة التي يرسلها النادل لزبون هارب: يعرف أنه لن يدفع، لكن يرسلها على كل حال، لأن الشرف المهني يقتضي ذلك.
هذا ليس ملفا عاديا، بل ملحمة سياسية إجرامية بنكهة “الديمقراطية المغربية”، حيث يصوّت الفلاح البسيط في كوزمت على رجل يعده بتزفيت الطريق، ليكتشف لاحقا أن الزفت الوحيد هو زفت المخدرات الذي سُكب في المياه الدولية.
وما أروع التنسيق الأمني والاستخباراتي! لا أحد يشكك فيه، ولكن السؤال العالق: كيف لرئيس جماعة، يفترض أنه تحت المجهر، أن يشكل شبكة تهريب بهذه الضخامة دون أن “يحكّ أحد راسو”؟ هل أصبحنا في زمن الفساد الذكي، الذي يضع قبعة التنمية ويدخل القرى مثل روبن هود، ثم يخرج ليلاً مثل بابلو إسكوبار في فاسكابا؟
أجل، هم لا يخجلون، لأنهم يعرفون أن اللعبة أكبر من مجرد محكمة. يعرفون أن الصوت الانتخابي في بلادنا ليس أداة للتغيير، بل سلعة موسمية تُسعّر حسب عدد رؤوس الغنم في الموسم الانتخابي. والكل رابح: الناخب يبيع صوته، والمرشح يشتري الشرعية، والشبكة تستثمر في الحدود، والمحكمة تزن الأمور بميزان “ماشي بزاف، ولكن شي حاجة”.
أجل، عاش الوطن… ولكن بأي ثمن؟
Awesome https://shorturl.at/2breu
Good https://shorturl.at/2breu