رائحة غدر في فيلا العمدة: حصان جودار على مائدة التحالف الثلاثي!

ضربة قلم
في الدار البيضاء، حيث لا ربيع سياسي يزهر ولا تحالفات تدوم، تفوح هذه الأيام رائحة غدر سياسية لا تخطئها أنوف العارفين. رائحة لا تشبه الياسمين ولا الفل، بل أقرب ما تكون إلى رائحة “الكولسة المعفنة” التي تنبعث من المجالس المنتخبة كلما اقترب موسم القطف، أو بالأحرى موسم “التموقع”.
قصة اليوم ليست من نسج الخيال، بل من واقع سياسي لا يعرف الاستقرار إلا على الورق. فجأة، وعلى حين غفلة من الحصان، قررت باقي أطياف التحالف أن ساعة التضحية بالحصان قد دقّت، فليس من المنطقي أن يركض في اتجاه معاكس بينما القافلة تسير (أو تتعثر) في اتجاه آخر.
الاتحاد الدستوري، أو حزب الحصان لمن لا يعرفه إلا في مضمار السباق، وجد نفسه فجأة خارج السرب. سبب الطرد؟ لأنه على ما يبدو صار يركل كثيرًا ويتصرف كما لو أنه في المعارضة، رغم أنه يرتدي قميص الأغلبية. يا للوقاحة السياسية! كيف تجرؤ على التصويت كما تشاء؟ أين الانضباط الحزبي؟ أين “التصويت بالتوافق”؟ أين روح القطيع؟
مصادرنا التي كانت تتنصت قرب سياج فيلا نبيلة الرميلي، أكدت أن اجتماعًا طارئًا عقد هناك، ليس من أجل التفكير في حل أزمة النقل أو تردي خدمات النظافة، بل لتدبير انقلاب أبيض على حليف أسمر. اجتمع الأحرار والباميون والاستقلاليون، وقرروا أن “الحصان يشاغب”، وأنه لا يليق بفرسان هذا الزمن الديمقراطي أن يركبوا جوادًا لم يعد يسمع الكلام.
وبدل أن يعترفوا بأن الأزمة في التسيير والبرامج والنتائج، صار الحديث يدور حول “تهديد الاستقرار”، وكأن المجلس منتخب من الأمم المتحدة وليس من الساكنة التي تئن تحت رحمة الحفر والضوضاء وغياب النقل. لكن مهلاً، نحن هنا لا لنناقش المشاريع التنموية، بل لنستمتع بعرض “سيرك سياسي” حيث يختلط الحليف بالخصم، والمعارضة بالداعمة، والمصلحة العامة بمصلحة الكرسي.
أما العمدة الرميلي، فتحاول جاهدة أن تبدو متماسكة، وتجمع أنصارها لتقول لهم “كل شيء تحت السيطرة”، بينما الحلفاء يمضون الوقت في التفكير فيمن سيُقصى ومتى، ومن سيركب العربة المقبلة. ولأن القصة لا تكتمل دون تهديد غير مباشر، فقد قرر البعض تسريب أن هذه المناورات هي فقط “تنبيه ودّي” للسيد جودار، علّه يعود إلى بيت الطاعة، ويكفّ عن لعب دور المعارض الذي يسكن الحكومة الجماعية.
لكن الحقيقة أبسط مما يعتقدون: ما يحدث في الدار البيضاء ليس سوى حلقة أخرى من مسلسل طويل عنوانه “كيف نُدبّر المدينة دون أن نحكمها فعليًا”. أما ساكنة العاصمة الاقتصادية، فبإمكانها انتظار فصل جديد من نفس المسرحية، حيث يتغيّر الممثلون ولكن تبقى المسرحية نفسها: تحالفات تُبنى في البيوت، وتُهدم في الخفاء، والمواطن في آخر الصف، يصفق أو يلعن.
مرحى للغدر السياسي، مرحى لحلفاء اللحظة، ووداعًا للاستقرار الذي لا يتجاوز بلاغات المجاملات. الدار البيضاء ليست فقط مدينة بدون أشجار، بل أيضًا بدون جذور سياسية حقيقية.