مجتمع

“رادار الغفلة”… حين تتحول الطريق إلى فخاخ ذكية

ضربة قلم

ما أثاره النائب رشيد حموني ليس جديدا، بل هو جزء من مسلسل طويل عنوانه: من يربح محضر اليوم؟، حيث يتفنن بعض أعوان المراقبة في وضع الرادارات المحمولة في أماكن “مدروسة”: خلف شجرة زيتون، وسط خيمة، داخل حائط مهجور، أو حتى خلف سيارة “عاطلة” تابعة لهم، تنتظر فريستها لتومض بعيونها الحمراء وتصرخ فيك: أُمسِكتَ أيها المسرِع!

هل تعلم عزيزي المواطن أن بعض الرادارات المحمولة تشتغل بتقنية التخفي أكثر من طائرات التجسس؟ وأن العون الذي يسجل المخالفة قد لا يكون هو من عاينها، لكنه يوقّع المحضر نيابة عن زميله الذي كان مشغولا بـ”التسديد والتصويب” من وراء شجرة أكاسيا؟!

من مراقبة السرعة إلى نصب الكمائن!

أصل الفكرة – حسب ما جاء في مداخلة النائب – نبيل: الحد من حوادث السير. لكن التطبيق؟ إبداع في الترصد والمباغتة… كأننا في مهمة سرية من مهام “جيمس بوند”، لكن بدل أن يقبضوا على إرهابيين، هم يصطادون سائقي سيارات عائلية ذاهبين لعطلة نهاية الأسبوع!

أين هي لافتة الإشعار بالرادار؟

سؤال وجودي لا جواب له، فهي – على ما يبدو – من نوع “اللافتات المتنقلة”، تظهر حين تكون الكاميرا حاضرة وتختفي حين يكون العون في مزاج انتقامي!

الرادار والواتساب: الكوبل الجديد!

الأغرب – والألذ في هذه المهزلة – أن بعض المحاضر تُبنى على صور وشهادات يتم تبادلها عبر تطبيقات التراسل الفوري. تخيل أن تُسجَّل ضدك مخالفة بناء على “سكرينشوت” من مجموعة واتساب فيها ضابط يخبر زميله: “صاحب الميرسيديس داز، سير سجل عليه مخالفة”. هل أصبحنا في عهد “محاضر الواتساب الرسمية”؟

قانون السير أم قانون الكمين؟

مدونة السير تنص على إجراءات صارمة تضمن عدالة المعاينة، لكنها تُخترق أحيانا بشكل يثير التساؤل: هل نحن أمام محاولة لحماية الأرواح، أم مجرد سباق نحو مداخيل إضافية لخزينة الدولة، بوسائل تصلح أكثر في كمائن العصابات؟

ما يقترحه النائب حموني لا يطلب المستحيل: فقط أن تُطبق القوانين كما هي، وأن تُعاد الثقة بين السائق والطريق، بدل أن يتحول كل كيلومتر إلى روليت روسي قانونية. ألا يحق للمواطن أن يقود دون أن يشعر وكأنه مراقَب من درون فوق رأسه؟ أو بالأحرى، رادار صغير مزروع خلف حجر؟

في الختام: الرادار يجب أن يحمينا لا أن يتربّص بنا

لسنا ضد المراقبة، ولسنا مع الفوضى، لكن ما نريده هو الاحترام المتبادل: المواطن يحترم السرعة، والدولة تحترم حقه في المعاينة النزيهة. أما الرادار المتخفي، فهو ليس “وسيلة ردع”، بل “خدعة بيروقراطية”، تزيد من فقدان الثقة، وتحوّل الطريق إلى مسرحية عبثية بطلها: الشرطي أو الدركي المختبئ والسائق المسكين.

فليُرفع الستار… على قانون سير أكثر إنصافًا، وأقل “مباغتة”.
وإلا، فمرحبا بكم في موسم جديد من مسلسل: “الطريق… فخ وطني”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.