رسالة مفتوحة إلى محمد سعد برادة: من المليارات إلى المدارس… فهل جئت مصلحًا أم مسيّرًا؟

السيد الوزير،
نعلم كما يعلم كثيرون أنك لست في حاجة إلى راتب وزير، ولا إلى امتيازات المسؤولية، فأنت “خانز فلوس”، بلغة الشعب. رجل أعمال ناجح، محنك، واسمك يرتبط منذ زمن بمنظومة النفوذ المالي والاقتصادي، بل ومن لا يعرف أنك شريك أو صديق مقرّب لرئيس الحكومة نفسه، عزيز أخنوش؟ وهذا ليس عيبًا، فكلنا في النهاية نعرف بعضنا في هذا البلد الجميل… صغير في حجمه، كبير في أسراره!
لكن سؤالنا الجوهري – والذي لا بد أن يطرحه عليك كل مواطن معني بمستقبل التعليم – هو التالي: لماذا قبلت هذا المنصب؟
هل هو شغف دفين بالتعليم؟ أم عشق مفاجئ للرياضة؟ أم أن الأمر يدخل في خانة “نديرو فيك الثقة، سلك لينا هاد القطاع حتى يشوفو فينا العالم؟”
صدقنا، لسنا من الذين يصدرون الأحكام الجاهزة. بل نريد أن نفهم فقط:
أكنت تدري – لحظة تنصيبك – أن وزارة التربية الوطنية هي أكثر القطاعات اشتعالًا؟
أنها بحر بلا قرار، وأنها إرث ثقيل، مثقل بالملفات الشائكة، والاحتجاجات الدائمة، والتنسيقيات التي تتناسل أسرع من تطبيقات الذكاء الاصطناعي؟
هل كنت تعلم أن الأساتذة يعيشون في حالة نفسية مزرية؟
أن المدارس تُسقّف بالقصدير، وأن التلاميذ في بعض القرى يقطعون الكيلومترات بحثًا عن قسم؟
وأن الرياضة في المؤسسات التعليمية “تمارس فقط نظريًا”؟
بل هل أخبرك أحدهم أن كل إصلاح جديد للتعليم يبدأ من الشعار وينتهي في الدرج الإداري؟
نحن نعلم أنك لست ابن المنظومة، ولا ابن الطبشورة، لكنك اليوم تقودها.
فهل تنوي فعلاً أن تُساهم من موقعك؟
هل ستسمع لصوت الأستاذ الذي يعمل في الظل، ويحمل المنظومة على أكتافه؟
هل ستمنح للتكوين قيمته؟ وللمدرسة العمومية هيبتها؟
هل ستتوقف عن تلميع “الرياضة الاستعراضية” وتهتم بالبنية التحتية المهترئة؟
هل ستفتح الأبواب أمام جيل جديد من الإصلاح، أم أنك جئت لتسير الأمور حتى إشعار آخر؟
يا سيادة الوزير،
لسنا ضد الأغنياء في الحكم، ولكننا ضد الأغنياء الذين لا يشعرون بما يجري في القسم.
لسنا ضد رجال الأعمال في الحكومة، لكننا ضد “عقلية المقاولة” حين تُطبق على قطاع يحتاج أولًا إلى إيمان لا إلى ميزانية.
في الأخير، نقول لك: إن كنت فعلاً جئت لتخدم، فالوقت الآن لا غدًا.
وإن كنت هنا لأن “المنصب ما يترفضش”، فالرجاء ألا تَزيد في تشويه ما تبقى.
نحن لا نريد وزيرًا غنيًا بالمال فقط، بل غنيًا بالرؤية، بالحس الوطني، وبالقدرة على إحداث التغيير.
فهل أنت هذا الرجل؟
الجواب عندك… لكن أثره سنراه – أو لا نراه – على أرض الواقع.
مع كامل الاحترام،




