رفيق بوبكر يفجّرها: كفى انتحالاً… أنا حيّ أرزق يا ناس!

ضربة قلم
في بلادنا، حين يتكلم الصمت، فاعلم أن الفنان قد بلغ به الكيل عتبة “واش كاين شي قانون فهاد البلاد ولا لا؟”، وهنا بالضبط خرج الفنان المغربي رفيق بوبكر عن صمته، لا في دور سينمائي هذه المرة، ولا عبر “ستاند أب” على خشبة مسرح، بل في فيديو مُحترم ومُؤدب جداً نشره على حسابه الرسمي في “إنستغرام”… لأن الفيسبوك صار مشبوهاً أكثر من صفحة النتائج في المونديال!
بوبكر، الذي أبدع لسنوات في تقمص الأدوار وترويض الشخصيات الهامشية في الشاشة الكبيرة، وجد نفسه فجأة بطلًا في قصة عبثية من إنتاج صفحة على “فيسبوك”، موثقة رسميًا كأنها وزارة مستقلة للفبركة والتصريحات المفبركة. الصفحة لا يعرف عنها شيئًا، ولا يشتغل بها أحد من أقاربه أو أصحابه أو حتى جيرانه القدامى في “درب السلطان”، لكنها، وبكل وقاحة رقمية، قررت أن تتحدث باسمه، وتصدر بلاغات ومواقف كما لو كان هو شخصياً يديرها من كواليس مكتب خشبي مهترئ في حي شعبي.
الرجل صبر… وصبر كثيرًا. راقب، تسامح، تمعّن، وتغاضى، ربما لأنه ظن أن الناس سيفهمون تلقائيًا أن ما يُنشر هناك ليس إلا هذيان فيسبوكي لا يرقى إلى مستوى الكوميديا التي يقدمها في الواقع. لكنه نسي – أو تناسى – أن في زمن السوشيال ميديا، لا شيء يضيع: الكذبة تنتشر كالنار في حقل شعير، والمعلومة الملفقة تصبح حقيقة مطلقة إذا كُتبت بخط عريض ووقعها “أدمين” مجهول الهوية.
النقطة التي أفاضت كأس الهدوء الفني، جاءت على شكل تعليق خبيث نشرته الصفحة نفسها، يسيء فيه كاتبها الحرّ – والمتخفي كالعادة – للاعب الإسباني المغربي الأصل يِمين يِمال. وهنا لم يعد الأمر مجرد عبث رقمي، بل أصبح مساً مباشراً بسمعة رجل ما زال يتنفس المصداقية ويصرّ على أن لا أحد يتكلم باسمه دون إذنه، ولو كان “روبوت” مبرمج على نشر الفضائح والشائعات كل ثلاثاء وخميس.
وعليه، قرر الفنان أن يكف عن لعب دور المتسامح، وتحول إلى “رفيق المتقاضي”، رجل يحمل بين يديه شكوى رسمية، ويمشي بخطى ثابتة نحو قصر العدالة، لا ليؤدي دورًا تمثيليًا هذه المرة، بل ليضع حدًا لواحد من أكبر الكوابيس التي يواجهها المشاهير في العصر الرقمي: أن تسرقك صفحة وهمية، وتستثمر في اسمك، وتزرع الفتنة من تحت عباءتك، وأنت صامت لأنك تحترم نفسك وجمهورك.
بوبكر، في رسالته، لم يصرخ، لم يهدد، لم يستعرض عضلاته، بل تحدث ببساطة الرجل الذي تعب من أن يُفبرك له موقف كل أسبوع. قالها بلغة واضحة: “الصفحة ماشي ديالي، ومحتواها لا يمثلني، فبلا ما تعاودو تسولو، راه غادي نتابع قانونيًا”. يعني، لا مزيد من المجاملات ولا مجال للشك. الرجل قرر قلب الطاولة على أدمينات العشوائية.
وفي ختام الفيديو، أرسل رسالة تحذيرية إلى جمهوره: لا تصدقوا كل ما تقرؤون على الإنترنت، خاصة إذا كُتب بخط رديء، ورافقته صورة مأخوذة من فيلم قديم وعنوان يُحيل إلى قنبلة إعلامية لا تنفجر أبدًا. لأن الفنان حين يصمت، فذلك من باب الرقي، لكن حين يتكلم، فالأمر دخل منطقة “اللعب مع الكبار”.
وربما الدرس الأهم هنا، أن زمن “أنا ماشي أنا” قد ولّى، والآن كل من يحاول أن يتكلم باسمك، عليه أن يستعد لأن يسمع صوتك… ولكن في المحكمة.
والله يعفو على الفايسبوك، ومن يسترزقون من إساءة السمعة أكثر مما يسترزق بائع الفاخر في عاشوراء.




