سطات.. حين عربد العامل وخرست الداخلية!

ضربة قلم
من المعلوم أن مدينة سطات عرفت خلال الشهر المنصرم حدثًا لا يشبه كل حدث، ويتعلق الأمر بخروج رجلي عامل الإقليم “من الشواري”، حيث أبان الرجل عن هيستيريا ليست بريئة، سيما وأن الأجهزة السرية المنتمية لكل المصالح الأمنية تعرف دواعيها جيدًا. اليوم، نعود لنتساءل: أين وصلت الإجراءات التي اتخذتها وزارة الداخلية في حق هذا العامل؟ أم أن الملف سيُركن في درج الإهمال، رغم تداعياته التي مست صورة الإدارة الترابية وهيبتها؟
سلوك غير مسؤول.. أين المحاسبة؟ المحاسبة؟
عوض أن يكون اجتماع تقييم تأخر إنجاز 29 ملعبًا للقرب مناسبةً لطرح حلول جادة، حوّله عامل الإقليم إلى استعراض سلطوي فاقع، بعيد كل البعد عن أساليب الإدارة الرشيدة. المشهد، الذي وثّقته عدسات الهواتف، أظهر المسؤول الأول عن الإقليم يتصرف كرجل فقد بوصلته الإدارية، يصرخ، يوبّخ، وينتقد بأسلوب أقرب إلى خطابات المعارضين في جماعات قروية نائية، بدلاً من أسلوب رجل دولة يُفترض فيه ضبط النفس والالتزام بحدود اللياقة والمسؤولية.
الوزارة.. غياب الردود أم سياسة الهروب إلى الأمام؟
في مثل هذه الحالات، من البديهي أن تتدخل وزارة الداخلية لاتخاذ ما يلزم من إجراءات تحفظ كرامة مؤسساتها، لكن الغريب أن الوزارة التزمت الصمت. فهل تتجه الأمور نحو طي الصفحة دون أي مساءلة؟ وهل يُعقل أن يُترك عامل خرج عن النص دون محاسبة، بينما أبسط الأخطاء تُجرّ وراءها تأديبات وعقوبات في حق مسؤولين آخرين؟
انعكاسات الفوضى على هيبة الدولة
المعضلة لا تتعلق فقط بخلاف إداري أو تأخر مشروع، بل بمبدأ احترام الهياكل الإدارية وتجنب تحويل رجال السلطة إلى قضاة ميدانيين ينصبون المحاكم العلنية على هواهم. فإهانة المدير الإقليمي، مهما كانت المبررات، ليست الطريقة المثلى لتدبير الأزمات. وإذا مرت الواقعة دون تداعيات، فسنكون أمام سابقة خطيرة قد تُشجع مسؤولين آخرين على نهج نفس السلوك دون رادع.
الملف لم يُغلق بعد!
النقابات التعليمية لم تبتلع الإهانة، والمجتمع المدني يراقب، لكن الكرة اليوم في ملعب وزارة الداخلية: هل ستتحرك لاستعادة الهيبة التي أضاعها عامل تملّكه الغضب الفارغ، أم أن الأمور ستظل على حالها، بانتظار حادث جديد يُذكّرنا بأن بعض المسؤولين لم يستوعبوا بعد معنى الحكامة الرشيدة؟
الواقع يقول إن أي تساهل في مثل هذه الحالات لن يكون مجرد خطأ، بل ضوءًا أخضر لمزيد من العبث الإداري. والمسألة هنا ليست قضية فرد، بل اختبار حقيقي لمصداقية الدولة في فرض الاحترام داخل مؤسساتها.