مجتمع

سوق السمك بالهراويين: عندما تسبح الأرقام ضد التيار!

ضربة قلم

أعزائي الصائمين والصائمات، استعدوا، فقد حلت معجزة رمضان السنوية: الأسماك متوفرة وبكثرة! أكثر من 720 طناً اجتاحت سوق الجملة بالهراويين في اليوم الأول من رمضان، قادمة من أعماق المجهول، عبر بحار لا يعلم إلا الله كم استغرقت السفن لعبورها، ولا متى اصطيدت هذه الأسماك المسكينة التي وجدت نفسها فجأة تزين موائد المغاربة، بسعر يفوق الذهب!

وزيرة الصيد البحري، زكية الدريوش، ظهرت أمام الصحافة بكامل الثقة، مُبشرة المواطنين بأن “المنتوجات السمكية متوفرة بأسعار معقولة”. وكما عودنا السادة المسؤولون، فإن “المعقول” هو ذلك المصطلح المطاطي الذي يتمدد وينكمش حسب موقع المتحدث: فإذا كنتَ وزيراً، فالسردين بخير، أما إذا كنتَ مواطناً، فالسردين بمثابة حلم بعيد المنال.

أما عن الأسعار؟ السوق “حرة”، تقول الوزيرة، تخضع للعرض والطلب، ونحن بدورنا نطلب والسوق يعرض علينا الأسعار بصيغة “لا حول ولا قوة إلا بالله”. في الحقيقة، يبدو أن هذه “الحرية” في التسعير تنطبق فقط على جيوب المواطنين، بينما يُترك المتحكمون في القطاع أحراراً في فرض منطقهم الخاص، مستفيدين من إستراتيجية “أليوتيس” التي قيل إنها “أعطت أكلها”. والحقيقة أنها أعطت أكلها، ولكن ليس لمن يقفون في طوابير الأسواق الشعبية، بل لمن يتحكمون في بوصلة الصيد والتوزيع.

في النهاية، تظل الأسئلة الجوهرية معلقة: من أين جاء كل هذا السمك؟ متى اصطيد؟ كم من الوقت قضى في رحلة التوزيع قبل أن يصل إلى موائد المستهلكين؟ لكن السؤال الأهم: متى يتذوق المغاربة طعم اقتصاد لا يلتهمهم؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.