مجتمعالشأن المحلي

سيرك الجماعات: عندما تتحول المعارض الترفيهية إلى صفقات سرية!

ضربة قلم 

حكاية المعارض الترفيهية في بعض الجماعات الترابية المغربية أشبه بمسلسل مكسيكي طويل الحلقات، مليء بالمفاجآت الدرامية والتشويق السياسي. تبدأ القصة بمراسلات رسمية، يوجهها العمال إلى رؤساء الجماعات، تطالبهم بالالتزام بدفاتر تحملات واضحة عند منح صفقات استغلال فضاءات الألعاب والمعارض الترفيهية. الهدف، على الورق طبعًا، هو ضمان الشفافية وترشيد استغلال الملك الجماعي، لكن في الواقع، يبدو أن الرسالة لم تصل إلى بعض “الفطاحلة” الذين يعتبرون أن الجماعة مجرد ضيعة ورثوها عن الأجداد.

في بعض المدن، وجد بعض المنتخبين الوصفة السحرية لجعل المعارض الترفيهية والسيرك وسيلة لجني الأرباح والاستعداد المبكر لاستحقاقات 2026. الفضاءات تُفوض أحيانا إلى جمعيات ذات طابع “اجتماعي”، والتي لا تملك من العمل الجمعوي سوى الاسم، أما الباقي فهو صفقات في الكواليس، واتفاقيات لا تمر عبر المساطر القانونية. والنتيجة؟ موارد مالية ضخمة تختفي، استهلاك الكهرباء على حساب السكان، وكراء غير قانوني يجعل من المعارض الترفيهية مشاريع خاصة لأقارب أو زبناء المنتخبين، يتحولون بقدرة قادر إلى “مدراء أعمال” في قطاع الترفيه.

ولأن الجشع لا حدود له، تحولت بعض المعارض المؤقتة إلى دائمة، في خرق سافر للقوانين. فمنح الترخيص لأسبوعين يتحول إلى ثلاثة أشهر، حيث يواصل مستغلو المعرض نشاطهم وكأنهم اشتروا الأرض بعقد موثق. أما الأراضي التي كانت مخصصة للألعاب والترفيه، فقد اكتشف المسؤولون الترابيون أنها تحولت إلى “كراجات” ومستودعات للشاحنات، وفضاءات للميكانيك، وطبعًا، دون أن يدخل درهم واحد إلى خزينة الجماعة.

المثير في الأمر أن وزارة الداخلية لم تقف مكتوفة الأيدي، بل أصدرت دورية مشتركة مع وزارة المالية، تهدف إلى رقمنة عمليات المداخيل الجماعية عبر منظومة التدبير المندمج (GIR-CT)، وهي منصة تهدف إلى جعل المداخيل واضحة وشفافة. ولكن كما هو متوقع، بعض الجماعات الترابية لا ترى في الرقمنة سوى وسيلة لتعقيد حياتها، فاختارت تجاهل التوجيهات والاستمرار في استعمال برامج معلوماتية خاصة، أو بالأحرى “اختراعات محلية”، تسمح لهم بالتحكم في المداخيل على طريقتهم الخاصة.

النتيجة؟ عشرات التقارير المرفوعة إلى السلطات الإقليمية، تحذر من استمرار النزيف المالي الذي يضيع على خزينة الدولة ملايين الدراهم. والضحايا؟ المواطن العادي، الذي يدفع الثمن مرتين: مرة من خلال ارتفاع تكلفة الخدمات الجماعية بسبب ضعف المداخيل، ومرة أخرى حينما يُفرض عليه أداء رسوم إضافية لتمويل العجز الذي تسببت فيه “الاختلالات“.

وإلى أن يتم فرض تطبيق القانون، ستبقى بعض الجماعات الترابية وفية لشعارها غير المعلن: “لا تترك مدخولًا إلا واستغللته، ولا صفقة إلا وسخّرتها”، في انتظار أن تأتي ساعة الحساب التي طال انتظارها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.