شجار بسيط في طنجة ينتهي بموت: عندما تتحول لحظة غضب إلى مأساة

ضربة قلم
شجار شابين في ساحة الثيران “بلاصا طورو” بمدينة طنجة، ينتهي بمأساة؛ النهاية المأساوية هذه قد تكون نموذجًا آخر من نماذج العنف الذي يتفجر فجأة، لأسباب قد تبدو للوهلة الأولى تافهة، لكن تراكمات الإحباط والغضب تجعل منها شرارة كفيلة بإشعال الفتنة. وبداية القصة كانت بسيطة جدًا، كما لو أن الزمان توقف لحظة لتتجسد تفاصيل صراع عصري: شاب عشريني جالس برفقة صديقته القاصر قرب فيلا، كل شيء يبدو طبيعيًا إلى أن يأتي الرجل الذي لا يعجبه هذا المشهد. لماذا؟ لا أحد يعرف، ربما لأن حي “بلاصا طورو” يعتبر معقلًا لصور معينة من “الحياء” الذي يرى البعض أن الطابع الأخلاقي لا يجب أن يتجاوز حدودًا معينة. فينطلق الصراع من مجرد طلب “اذهبا من هنا”، ليتطور بسرعة إلى مشادة كلامية، ثم إلى شجار عنيف بالأيدي، وكأنما أي كلمة قد تنقلب إلى ساحة حرب.
ومع تصاعد المواجهة، نشأ واقع جديد: من كان في البداية الطرف المعتدى عليه أصبح هو الضحية. الشاب، الذي بدا أنه خرج من هذه الحادثة منتصرًا في البداية، وجد نفسه مضطراً إلى التوجه إلى المستشفى بسبب آلام في رأسه. وكأنما كان الأمر أشبه بمسلسل درامي تسارعت أحداثه بشكل مفاجئ، لينقلب الموقف إلى مأساة، حيث توفي الضحية لاحقًا بسبب إصابة غير مرئية، لكنها كانت كافية لإنهاء حياته.
أما التحقيقات، فتأتي بمثابة محاكاة لرواية أمنية تقليدية: كاميرات المراقبة التي تكشف اللحظة الحاسمة، لحظة سقوط الضحية بعد أن دفعه المعتدي، ما تسبب في ارتطام رأسه بالأرض. ولكن هذا التحقيق ليس مجرد متابعة لقضية جنائية، إنه تذكير آخر لنا جميعًا عن هشاشة هذه الحياة، عن اللحظات التي قد تتغير فيها مصائر الأشخاص بناءً على تصرفات قد تبدو للبعض مجرد فورة غضب، لكنها قد تكون القشة التي قسمت ظهر الجمل. وكما في كل قصة مماثلة، يظل السؤال قائماً: هل كان من الممكن تجنب هذه النهاية؟ وهل فعلاً كان الشجار يستحق كل هذا؟ على الرغم من اعتراف المعتدي بتورطه، يظل التحقيق جارياً، ويظل الملف مفتوحًا في انتظار المزيد من الحقائق حول ملابسات الحادث.
إن الحكاية هنا هي مجرد مثال آخر عن العنف الذي يتصاعد فجأة، عن لحظات من التوتر السريع في عالم يتسارع، حيث لا أحد يعرف متى قد يكون الرد القاسي هو الوحيد المسموح به في ظل الإحباطات التي تتراكم يومًا بعد يوم.