شراكة تُعيد للفن صحته: حين يتجاوز العمل الجمعوي بطائق الزيارة نحو خدمة الإنسان

ضربة قلم

في عالم تتشابك فيه المصالح وتتقاطع فيه الأهداف، أصبح العمل الجمعوي عند الكثيرين مجرّد واجهة براقة تُزيّنها بطائق الزيارة الفاخرة وصور التوقيعات الملتقطة بعناية فائقة لإبهار المتابعين، وكأن الهدف من تأسيس الجمعيات هو استعراض العضلات التنظيمية أكثر من خدمة القضايا المجتمعية الجوهرية. ولعلّ أكثر ما يثير السخرية في هذا السياق هو أن بعض الجمعيات تحوّلت إلى “نوادٍ اجتماعية” يجتمع فيها الأعضاء لتبادل المجاملات بدل الأفكار، والبحث عن الامتيازات الشخصية بدل تحقيق المنفعة العامة.

لكن، رغم هذا الواقع المليء بالاستعراضات الفارغة، يظلّ هناك بريق أمل يسطع من خلال مبادرات حقيقية تُعيد للعمل الجمعوي معناه الأصيل: التضحية، ونكران الذات، والبحث عن حلول ملموسة لمشاكل حقيقية تمسّ حياة الأفراد والجماعات. العمل الجمعوي في جوهره ليس امتيازاً يُضاف إلى السيرة الذاتية، ولا بطاقة تتيح لك دخول صالات فاخرة أو التقاط صور مع شخصيات وازنة؛ بل هو التزام أخلاقي قبل أن يكون وظيفة اجتماعية، ودعوة دائمة لتحمّل المسؤولية بدل التباهي بها.

في هذا السياق الذي يفرض علينا التمييز بين الزائف والحقيقي، تبرز بعض المبادرات التي تحمل في طيّاتها روح العمل الجمعوي النبيل، ومنها توقيع التعاضدية الوطنية للفنانين لشراكة تعاون مع مصحة أكديطال لايف بالمدينة الخضراء ببوسكورة – الدار البيضاء، زوال يوم الجمعة 7 فبراير 2025. تهدف هذه الاتفاقية إلى تمكين الفنانين من الاستفادة من خدمات صحية عالية الجودة، وفق تسهيلات خاصة تراعي مكانتهم الاعتبارية.

جرت مراسم التوقيع في مقر المصحة، بحضور نخبة من الفنانين والنجوم المغاربة، إلى جانب أطر طبية وتمريضية. ووقّع الاتفاقية رئيس التعاضدية، الفنان عبد الكبير الركاكنة، ومديرة المصحة، سليمة المزواري.

وفي تصريح صحفي، أشاد الركاكنة بهذه الشراكة التي وصفها بالمكسب الهام للفنانين المنخرطين، مؤكداً أنها ثمرة جهود متواصلة لتعزيز الرعاية الصحية للفنانين. كما عبّر عن امتنانه لكل من ساهم في إنجاح هذه المبادرة، مقدماً شكره للفنانين الحاضرين، ولإدارة المصحة، وللمستشار الصحي إدريس الجربي، إلى جانب الطاقم الطبي والتمريضي.

من جهته، أكد المستشار الصحي إدريس الجربي، الذي لعب دوراً محورياً في إعداد الاتفاقية، أن هذه المبادرة تأتي في إطار التوجيهات الملكية السامية الداعمة للفنانين، وتعكس انفتاح المصحة على الفعاليات الفنية، لضمان استشفاء مريح للفنانين وفق معايير طبية متقدمة.

وعقب التوقيع، قام الوفد الفني والإعلامي بجولة تفقدية داخل المصحة، حيث اطلع على مرافقها الصحية والتجهيزات المتطورة. كما استفاد عدد من الفنانين والفنانات من كشوفات طبية مجانية، خاصة في أمراض القلب والشرايين وضغط الدم، وهي المبادرة التي لاقت استحسان الحاضرين.