شرطة طنجة توقف “الشرطة المزيفة”: حينما يصبح النصب ببدلة رسمية!

ضربة قلم
في مشهد يكاد يُنافس أفلام الجريمة البوليسية، تمكنت عناصر الأمن بولاية طنجة، صباح الأمس، من توقيف شخصين قررا أن يسلكا طريق “التحقيق الذاتي”، عبر انتحال صفة رجال شرطة حقيقيين لتنفيذ عملية سرقة بدم بارد، وكأنهم يقولون للعالم: “إذا لم تأتنا السلطة، نصنعها نحن”.
تفاصيل عملية نصب بزيّ رسمي
التحريات كشفت أن المشتبه فيهما اعترضا سبيل أحد المواطنين، وقدّما نفسيهما على أنهما “شرطة في مهمة رسمية”، قبل أن يطلبا من الضحية وثائقه الشخصية بحجة “التحقق من الهوية”.
وبينما كان الرجل يحاول فهم ما يجري، سُلبت منه أغراضه الشخصية بطريقة احترافية، تشي بأن العصابة الصغيرة كانت تعرف جيدًا كيف تُتقن مشاهدها.
لكن “العرض المسرحي” لم يدم طويلًا؛ إذ تمكّنت مصالح الأمن من تحديد هويتهما وتوقيفهما في وقت وجيز، بعد أن باتت تدرك أن بعض النصابين يفضّلون اليوم اللعب بالنار… وبالشارات الرسمية أيضًا!
مفاجآت أثناء التفتيش
عملية التفتيش التي أجريت بعد توقيف المشتبه فيهما أفضت إلى العثور بحوزتهما على جهاز لاسلكي وشارتين معدنيتين تحملان مميزات بصرية مشابهة لتلك التي يستعملها رجال الأمن الحقيقيون.
تخيلوا الجرأة: لم يكتفيا بانتحال الصفة لفظًا، بل أعدّا “عدة الشغل” كاملة، وكأننا أمام نسخة محدثة من “اللص الشريف” الذي يرتدي قناع الشرعية ليُقنع ضحاياه بأن الأمر “قانوني جدًا”.
طنجة.. مدينة لا تنام على الغش
هذه الحادثة، وإن بدت استثنائية في تفاصيلها، إلا أنها تذكّرنا بظاهرة آخذة في التوسع في عدد من المدن المغربية: أشخاص ينتحلون صفات مهنية حساسة (شرطة، درك، أعوان سلطة، أو حتى صحافة!) من أجل النصب والاحتيال.
الخطير في الأمر أن هؤلاء يستغلون ثقة المواطن في المؤسسات الأمنية لتغليف أفعالهم الإجرامية بطابع من المصداقية، وكأنهم يقولون: “نحن القانون.. والسرقة جزء من المهام”.
لكن طنجة -التي عوّدتنا على المفاجآت- أثبتت مرة أخرى أن عيون رجالها لا تنام، وأنّ الأمن لا يُقارن بزيف الشارات ولا بلمعان النحاس المزيف.
بين السخرية والجدّ
من السهل أن نضحك على مثل هذه القصص، لكنها في العمق تعكس تحوّلًا خطيرًا في الذهنية الإجرامية: اللص لم يعد يختبئ، بل صار يرتدي “الشرعية” كغطاء.
هي مفارقة سوداء تقول الكثير عن هشاشة الثقة الاجتماعية وعن ضرورة التمييز بين رجل الأمن الحقيقي و”الممثل العرضي” الذي يختصر مهنته في بضع كلمات ونبرة صارمة.
في انتظار العدالة
المشتبه فيهما وُضعا تحت تدبير الحراسة النظرية رهن إشارة البحث الذي تشرف عليه النيابة العامة المختصة، في انتظار الكشف عن جميع ملابسات القضية، وهل كانا يعملان لحسابهما أم ضمن شبكة أوسع تُتقن لعبة “الزي الرسمي”.
وفي النهاية، يمكن القول إن طنجة التي “تسرق الأنظار” بطبيعتها وجمالها، لا تُسرق بسهولة من طرف المتحايلين، فشرطة المدينة هذه المرة أوقفت من “تقمّص دورها” ببراعة مزيّفة، لتؤكد أن القانون لا يُقلّد… بل يُطبّق.




