صرخة المستضعفين: هل يحتاج الأطفال المعاقون ذهنيا إلى ثورة لينالوا حقوقهم؟

ضربة قلم
ها هي القصة تتكرر من جديد، ولكن هذه المرة بصيغة أكثر قسوة، حيث يتم ترك أضعف فئات المجتمع يواجهون مصيرهم المجهول في ظل تجاهل رسمي فجٍّ وصمت حكومي قاتل. هؤلاء ليسوا مجرد أرقام في إحصائيات جوفاء، بل أطفال معاقون ذهنياً، ذوو احتياجات خاصة، لا يطلبون سوى حقهم في حياة كريمة، في تعليم يليق بإنسانيتهم، في رعاية لا تكون رهينة بمزاج سياسي أو بخل بيروقراطي.
الصرخة الأخيرة قبل الغرق
في وضح نهار الأمس، حيث لا مجال للإنكار أو التجاهل، خرج العشرات من الأطر التربوية وأسر الأطفال المعاقين ذهنياً إلى الشارع، ليس طمعاً في “امتيازات” كما يحلو لبعض المسؤولين وصف أي مطالبة بالحقوق، بل طلباً لمستحقاتهم التي هي حق مشروع وليس منّة من أحد. هؤلاء المربّون لا يقومون بعمل ترفيهي، بل يحملون فوق أكتافهم أعظم مسؤولية يمكن أن يتولاها إنسان: تعليم ورعاية من لا حول لهم ولا قوة. ومع ذلك، يجدون أنفسهم اليوم في مواجهة جدار سميك من اللامبالاة، وكأنهم أشباح في وطن أدار لهم ظهره.
وزارة التضامن أم وزارة التجاهل؟
وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، التي من المفترض أن تكون قلب الدولة النابض بالرحمة، تحولت إلى مؤسسة بيروقراطية عاجزة عن اتخاذ قرار بسيط يضمن استمرارية الخدمات لهؤلاء الأطفال. فهل يحتاج ملف بسيط كهذا إلى سنوات من المداولات والوعود الفارغة؟ هل صار دفع المستحقات التزاماً ثقيلاً إلى هذا الحد؟ أي تضامن هذا الذي يترك أطفالاً معاقين يواجهون مصير التشرد؟ وأي إدماج اجتماعي يُمارس على الورق فقط بينما الواقع يزداد قسوة؟
كفى عبثاً بأرواح الناس. كفى تعاملاً مع القضايا الإنسانية وكأنها ملفات إدارية عالقة. الدولة ليست فقط جباية ضرائب وتمويل مشاريع ضخمة لا يصل نفعها إلا إلى قلة محظوظة، بل هي أيضاً رعاية للفئات الأضعف، وصون لكرامة مواطنيها.
اليوم، المعركة ليست فقط حول مستحقات شهرية، بل حول مبدأ أساسي: هل نحن أمام دولة تحترم التزاماتها الاجتماعية، أم أننا نعيش في نظام لا يحفظ حقوق إلا من يملك القوة والمال؟
لن يكون الصمت خياراً، ولن يكون التجاهل حلاً. فإما أن تتحمل الدولة مسؤوليتها، وإما أن نكون أمام فضيحة أخلاقية وسياسية جديدة تضاف إلى سجل الفشل الحكومي.