صرخة المعاناة: نضال جمعية آباء وأصدقاء الأطفال في وضعية إعاقة ذهنية بالدار البيضاء
تصعيد غير مسبوق في مواجهة التهميش الحكومي

ضربة قلم
سبق أن تطرقنا إلى الأزمة التي تعاني منها جمعية آباء وأصدقاء الأطفال في وضعية إعاقة ذهنية بالدار البيضاء، وها نحن نعود اليوم لنواكب فصلاً جديداً من النضال، بعدما قررت الجمعية تصعيد احتجاجاتها إثر تجاهل وزارة التضامن والأسرة، بقيادة الوزيرة نعيمة بن يحيى، لمطالبها العادلة. حيث تواصل الحكومة نهج سياسة الآذان الصماء، رغم أن القضية تتعلق بحقوق فئة هشة من الأطفال، تستوجب رعاية خاصة ودعماً فورياً.
وقفة احتجاجية تتحدى الصمت الرسمي
نظّمت الجمعية اليوم الأربعاء ندوةً صحفية، لم تدم سوى دقائق معدودة، لكنها كانت كافية لنقل حجم الغضب المتصاعد وسط المتضررين. حشد كبير من الأطر الاجتماعية وأولياء أمور الأطفال ذوي الإعاقة تجمعوا في قلب العاصمة الاقتصادية، ليؤكدوا أن معركتهم لن تتوقف حتى تحقيق مطالبهم المشروعة. لم تكن هذه سوى بداية مرحلة جديدة من الكفاح ضد سياسة الإقصاء التي تنتهجها الوزارة الوصية.
مطالب عادلة.. واستحقاقات مؤجلة
الاحتجاجات لم تكن عشوائية، بل قائمة على مطالب أساسية تهدف إلى ضمان استمرارية الجمعية في تقديم خدماتها لنحو 700 طفل وطفلة في وضعية إعاقة ذهنية. حيث شدد المتضررون على ضرورة صرف منحة التمدرس في وقتها المحدد، لضمان السير العادي للعملية التعليمية، بالإضافة إلى صرف الأجور المتأخرة للأطر الاجتماعية، والتي لم يتلقوها منذ ستة أشهر. هذا التأخير يهدد بشكل مباشر استقرار الأطر التعليمية والاجتماعية، ويجعل مصير هؤلاء الأطفال في مهب الريح.
شعارات تحمل رسالة قوية إلى الحكومة
الوقفة الاحتجاجية، التي نظّمت على مستوى شارع النخيل بمنطقة المعاريف، لم تخلُ من هتافات قوية تعكس مدى الإحباط والغضب الذي يعيشه المتضررون. فمن بين الشعارات التي تم ترديدها: “ما مفاكينش ما مفاكينش.. وعلى حقوقنا ما مفاكينش”، في إشارة واضحة إلى رفض الاستسلام أمام التجاهل الحكومي. كما رفع المحتجون شعار “يا ملك يا همام.. أجورنا في خطر”، في رسالة مباشرة إلى العاهل المغربي، مطالبين بتدخله لإنصاف هذه الفئة المهمشة.
بين العجز الحكومي والأمل في التدخل الملكي
إن استمرار معاناة الجمعية وعدم استجابة وزارة التضامن لمطالبها، يؤكد غياب رؤية حكومية واضحة لحل مشاكل هذه الفئة. فالتماطل في صرف الدعم العمومي يضع مستقبل الأطفال ذوي الإعاقة على المحك، ويزيد من معاناة أولياء أمورهم، الذين يجدون أنفسهم في مواجهة واقع مرير يفتقر إلى الحد الأدنى من العدالة الاجتماعية.
في ظل هذا الوضع، يبقى الأمل معلقاً على التدخل الملكي، باعتباره الملاذ الأخير لإنصاف هذه الفئة المستضعفة. فالتاريخ يشهد أن الملك محمد السادس لطالما كان نصيراً للطبقات الهشة، ولم يتردد في التدخل لحل أزمات اجتماعية مماثلة. فهل ستتحرك الحكومة أخيراً قبل أن يتدخل الملك شخصياً لحل هذا الملف؟ أم أن التجاهل سيبقى سيد الموقف إلى حين تدخل أعلى سلطة في البلاد؟
إن قضية الأطفال في وضعية إعاقة ذهنية ليست مجرد ملف اجتماعي عابر، بل هي امتحان حقيقي لمدى التزام الدولة بمبادئ العدالة الاجتماعية والمساواة. فهل ستعي الحكومة خطورة الوضع، أم أنها ستواصل تجاهل صرخات المحتجين إلى ما لا نهاية؟