الافتتاحية

ضربة قلم… حين يكون القلم عصيًّا على الإعراب

محمد صابر

تجربتنا الحالية في ضربة قلم ليست إلا امتداداً لمسيرة عمرها 39 عاماً، مسيرة لم تكن طريقاً مفروشاً بالورود، بل طريقاً معبّداً بالصعاب والتحديات، حيث كان علينا في كل محطة أن نثبت أن الصحافة ليست مجرد كلمات تُسكب على الورق، بل هي موقف، رسالة، والتزام. لم ننحنِ يوماً لعواصف التملّق، ولم نغترف من معين الابتزاز، بل كنا ولا نزال نؤمن أن الكلمة الحرة هي سلاحنا الوحيد، وأنها وحدها القادرة على إحداث التغيير.

منذ أن أطلقنا ضربة قلم، كنا ندرك أن النجاح ليس وليد اللحظة، بل هو ثمرة جهدٍ ممتد، حصيلة سنوات من التجربة والتعلّم، تراكُم من المواقف التي عزّزت لدينا القناعة بأن الصحافة الحقيقية ليست مجرّد ناقل للأحداث، بل هي ضمير حيٌّ يراقب، يوجّه، وينتقد. لم نكن يوماً من ذاك الصنف الذي يبيع ضميره عند أي منعطف، ولم نقف يوماً على أعتاب أبواب المساومات الرخيصة، بل ظللنا عصيّين على الإعراب، خارج معادلات الارتزاق والولاءات المؤقتة.

نحن لا نبتز، ولم نكن يوماً من هذا الطراز، بل حتى أولئك الذين نوجّه إليهم النقد يعلمون جيداً أننا لا نمارس المزايدة، ولا نُغيّر مواقفنا بتغير “الصدقات الشهرية”، كما يفعل كُتّاب الظل الذين يقتاتون على الفتات. الأدهى من ذلك، أننا نرفض مصافحة من لم يجفّ بعد مداد غدره، لأن اليد التي لطّختها الخيانة لا تصلح إلا أن تكون عبرةً لمن يعتبر. ومن هذا المنطلق، نرى أن دورنا لا يقتصر على نقل الحدث، بل على دقّ ناقوس الخطر، وتحذير المسؤولين والرأي العام من كل من اعتاد المتاجرة بالبشر واستسهال الغدر. لأن من تربّى على المقايضة في المبادئ، لا يُؤمن جانبه أبداً، وكل تهوّر منه قد يكون شرارة لحريق لا يُطفأ. ونأمل ممن يشرحون للمعني بالأمر أن يجتهدوا في تدقيق ما نكتب وتحذيره من مغبة اللعب بالنار.

ورغم كل ما واجهناه من تحديات، ورغم وعورة الطريق، فإن ما يمدّنا بالقوة هو دعم قرائنا، وتعليقاتهم التي تحمل بين سطورها ثقةً ومسؤولية. فـ”ضربة قلم” ليست مجرّد منصة، بل مشروع حيٌّ يتنفس بآرائكم، ينمو بدعمكم، ويكبر بتفاعلكم. نحن لا نبحث عن التلميع، ولا نركض خلف الألقاب، بل نؤمن أن الإعلام رسالة، ورسالتنا أن نبقى صوتاً صادقاً، جريئاً، منحازاً فقط للحقيقة.

لا شك أن الطريق لا يزال طويلاً، وأننا في مرحلة البناء، لكننا نؤمن أن كل خطوة نخطوها، مهما بدت صغيرة، تُرسي لبنة في صرح إعلامٍ حرٍّ ونزيه، إعلامٍ لا يساوم ولا يُساوَم، إعلامٍ نريده لكم وبكم، لأنكم أنتم من يمنحه القيمة الحقيقية، أنتم من يجعل منه أكثر من مجرد موقع إلكتروني، بل منبراً حقيقياً يعكس نبض الشارع، ويفتح باب النقاش حول القضايا التي تهم الجميع.

ضربة قلم” ليست مجرد موقع… إنها موقف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.