دفاتر قضائية

طبيب أم تاجر مخدرات؟! عندما تتحول العيادة إلى صيدلية للقرقوبي!

ضربة قلم 

 في زمن أصبحت فيه “الأخلاق المهنية” مجرد فصل ممل في كتيّب لم يقرأه أحد، ظهر لنا طبيب من طينة جديدة، لا يشفي المرضى ولا ينصح بالحمية الغذائية، بل يكتب وصفات “سحرية” تجعل الزبون (عفوًا، المريض!) يحلّق عاليًا في سماء السعادة الاصطناعية! الطبيب الذي كان من المفترض أن يكون ملاك الرحمة، قرّر تغيير مساره المهني ليصبح “ملاك القرقة”، مستبدلًا سماع نبضات المرضى بسماع رنين الدراهم في جيبه!

روشتة” على المقاس!

تخيلوا معي المشهد: يدخل الزبون المتحمس إلى العيادة، يتثاءب بتكاسل ويقول: “دكتور، عندي ألم رهيب في الرأس!”، الطبيب المحترم لا يحتاج إلى تشخيص معمّق أو استفسار عن الأعراض، بل يمد يده مباشرة إلى الورقة والقلم، ويكتب بحرفية فريدة وصفة طبية تفتح أمام الزبون أبواب “السعادة الكيميائية”. هكذا، وبدل أن يكون دور الطبيب التخفيف من الآلام، صار يسهم في تعزيز “نشوة” السوق السوداء للأدوية المهلوسة.

القانون يضرب بيد من زجاج!

ستة أشهر فقط؟ حقًا؟ نصف عام من “الإجازة الجبرية” لطبيب قرّر تحويل عيادته إلى “وكالة توزيع الأحلام المهلوسة”؟ يبدو أن القضاء بمدينة بركان قرر اعتماد “التخفيض الموسمي” على الأحكام، خاصة حين نرى أن المروج الأول تلقّى سنة كاملة، بينما الطبيب – العقل المدبر – حظي بعقوبة أخف، ربما لأن جريمته ارتكبت بقلم وليس بسكين!

ولكن لنكن منصفين، فالغرامة المالية البالغة 1200 درهم (أي ما يعادل ثمن عشاء بسيط في مطعم متوسط) ستردع بكل تأكيد كل طبيب يفكر في سلوك نفس الطريق… أو ربما ستجعله أكثر حذرًا في توزيع “البضاعة“.

الرقابة في إجازة دائمة

السؤال الذي يطرح نفسه هنا: أين كانت السلطات الصحية طوال هذا الوقت؟ هل الطبيب كان يعمل في قبو مظلم تحت الأرض؟ أم أن عيادته كانت عبارة عن “كوخ سري” في غابة نائية؟ لا، بل كان يزاول عمله بكل حرية بقلب المدينة الليمونية، يكتب الوصفات، يوزع “الفرح الكيميائي”، ويبتسم بثقة لأنه يعلم أن الرقابة في هذا البلد غالبًا ما تكون في سبات عميق، لا تستيقظ إلا بعد أن تنتشر القضية في وسائل الإعلام.

الوصفة السحرية لمستقبل مشرق!

إذا استمر الوضع على هذا المنوال، قد نرى مستقبلًا لافتات دعائية مثل: “هل تشعر بالملل؟ وصفة طبية واحدة كفيلة بجعل حياتك أكثر إثارة!”، أو “عيادة دكتور X: نُداوي الألم… ونُوزّع النغم!”.

أما الحل الحقيقي، فهو ليس في اعتقال طبيب واحد وكأننا حللنا الأزمة، بل في تشديد الرقابة على القطاع الصحي، ومحاسبة كل من يستغل ثقة الناس لجني الأرباح السريعة على حساب صحتهم.

في النهاية، لا يسعنا إلا أن نتساءل: كم “طبيبًا” آخر لا يزال في الميدان، يوزّع النشوة في شكل وصفات طبية؟ ومتى سنرى المحاسبة الحقيقية بدل العقوبات “الرمزية”؟ أم أننا سنستمر في متابعة هذه المسرحيات القضائية التي تنتهي دائمًا بنفس النهاية؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.