مجتمع

طلبة كليات الطب في مواجهة بيروقراطية التماطل: حقوق مؤجلة ووزارات في سُبات!

ضربة قلم

ها نحن ذا، أمام ملحمة جديدة من مسلسل “انتظار الوزارات”، حيث طلبة كليات الطب وطب الأسنان والصيدلة بالمغرب يطرقون أبواب وزارتي التعليم العالي والصحة، وكأنهم يطلبون مقابلة شخصيات أسطورية لا يُسمع لها صوت إلا في المناسبات النادرة. فبعد 11 شهرا من الإضراب الذي شلّ الكليات وأرسل جيلًا كاملاً من الأطباء إلى خانة “التكوين المُعطّل”، عاد الطلبة ليطالبوا فقط بما تم التوقيع عليه في نونبر الماضي. نعم، ليس مطالبًا جديدة، ليس امتيازات إضافية، بل فقط تنزيل ما تم الاتفاق عليه، وكأنهم يطالبون بالوصول إلى قارة أطلانتس الغارقة، وليس مجرد حقوق وُضعت فوق الورق.

لكن يبدو أن هناك في الوزارات من يُمارس هواية التجاهل الاستراتيجي. الطلبة أرسلوا طلبًا أولًا، لم يأتِ أي رد. حسنًا، لا بأس، نرسل طلبًا ثانيًا، لعل “خطأ إداري بسيط” حال دون وصول الأول. لكن هل تتوقع أن يلتفت الوزيران إلى الطلب الثاني بهذه البساطة؟ لا تكن ساذجًا! الوزارات عندنا تعمل بمبدأ “نحن معكم قلبًا وقالبًا… ولكن على الورق فقط”. أما على أرض الواقع، فلا شيء يتحرك سوى بيانات التوضيح والتطمين، وأحيانًا بعض التصريحات التي يُلقونها في مجلس النواب لملء الوقت الميت.

اللجنة الطلابية تقول إن هذا التجاهل خلق “جوًا من التوتر داخل أسوار الكليات”، وكأن الجو هناك لم يكن متوترًا أصلًا! فالتكوين الطبي في المغرب يعيش بالفعل على إيقاع الارتجال، والطلبة يُعاملون وكأنهم متدربون في ورشة نجارة، وليسوا أطباء المستقبل. المنحة لم تُرفع قيمتها، السلك الثالث ما زال عبارة عن كائن ضبابي، وتكوين طلبة فوج 2023-2024 أقرب إلى تجربة عشوائية منه إلى سياسة تعليمية واضحة. ومع ذلك، لا بأس، لا داعي للعجلة، فكما يقول الوزير: “لا يمكننا القيام بكل شيء في الوقت نفسه”. منطق بديع! لكن من قال إن الوزارات قامت بأي شيء أصلًا؟

الحقيقة أن الطلاب يواجهون بيروقراطية تعمل بأسلوب “التسويف الاستراتيجي”. يتم تأجيل الملفات إلى أن يُرهق أصحابها أو يدخلوا مرحلة اليأس، فتُصبح مطالبهم مجرد ذكريات عابرة. وحتى عندما يتم الاستجابة، يتم ذلك بنفس السرعة التي تتحرك بها السلحفاة العجوز في يوم شديد الحرارة. وكالعادة، الحل الوحيد الذي يُقترح دائمًا هو “المزيد من النقاشات والاجتماعات”، وكأن هذه الاجتماعات ستحل المشاكل من تلقاء نفسها بمجرد تكرارها عددًا كافيًا من المرات.

لكن دعونا نكون منصفين. قد يكون هناك تبرير منطقي لكل هذا التأخير، فربما الوزيران منشغلان بقضايا أهم، مثل دراسة سُبل “تعزيز الحوار”، أو البحث عن “آليات جديدة للتواصل”، أو حتى تحسين مهاراتهما في فن “التصريح دون التزام”. أما الطلبة، فعليهم أن يتحلوا بالصبر، فبعد كل شيء، الطب هو مهنة تحتاج إلى نفس طويل… حتى في الحصول على أبسط حقوقهم!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.