عبد الإله بنكيران يعود لقيادة العدالة والتنمية: رهانات الولاية الجديدة (2025-2029)

ضربة قلم
في سياق دقيق يعيشه المشهد السياسي المغربي، انتخب المؤتمر الوطني العادي لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران أمينا عاما لولاية جديدة تمتد من 2025 إلى 2029. هذا الانتخاب جاء تأكيدا لمكانة بنكيران التاريخية داخل الحزب، واعترافا من قواعده بقدرته على إعادة لمّ الشمل وترميم الخسائر التي مني بها الحزب، خصوصا بعد التراجع الكبير الذي عرفه في الانتخابات التشريعية لسنة 2021.
عودة بنكيران على رأس العدالة والتنمية ليست مجرد حدث داخلي عادي، بل تحمل دلالات عميقة على مستوى توجه الحزب في المرحلة المقبلة. فقد ظلت شخصية بنكيران ترتبط في الذاكرة الجماعية بمرحلة صعود الحزب إلى قيادة الحكومة سنة 2011، وسط زخم شعبي غير مسبوق نابع من حراك 20 فبراير، وهو ما جعله رمزا لما يعتبره أنصاره “الإصلاح من داخل المؤسسات”.
تحديات المرحلة المقبلة
الولاية الجديدة لبنكيران تأتي في ظل تحديات كبرى تواجه الحزب:
- ترميم البيت الداخلي: لازال الحزب يعاني من آثار الانقسامات والإحباطات التي تسببت فيها الانتكاسات الانتخابية، بالإضافة إلى انتقادات بعض القواعد لخيارات القيادة السابقة. ومن المنتظر أن يعمل بنكيران على إعادة بناء الثقة الداخلية وضخ دماء جديدة في مختلف الأجهزة التنظيمية.
- استعادة الشعبية المفقودة: فقد الحزب كثيرا من رصيده الجماهيري، خاصة في صفوف الشباب والطبقات الوسطى التي شكلت دعامة انتخابية أساسية له. التحدي الكبير هو كيف يمكن لبنكيران أن يعيد ربط الحزب بقواعده التقليدية، مع تحديث خطابه السياسي ليتماشى مع تطلعات المجتمع المغربي المتغيرة.
- إعادة التموضع السياسي: هناك من يعتبر أن العدالة والتنمية يحتاج إلى مراجعة موقعه السياسي بين الموالاة والمعارضة، في ظل التحولات الإقليمية والداخلية، بما في ذلك تطبيع العلاقات مع إسرائيل، والموقف من الملفات الاقتصادية والاجتماعية الحارقة.
- الاستعداد للاستحقاقات المقبلة: بعد الانتخابات الجماعية والتشريعية المقبلة، سيكون على بنكيران قيادة الحزب نحو نتائج أفضل، أو على الأقل تجنب مزيد من الانحدار الذي قد يهدد وجود الحزب نفسه في الساحة السياسية.
أسلوب بنكيران: بين الكاريزما والواقعية السياسية
يُعرف عبد الإله بنكيران بأسلوبه الخطابي العفوي، الممزوج بكثير من السخرية السياسية واللغة البسيطة القريبة من وجدان الناس، ما مكنه دائما من حصد تعاطف شرائح واسعة من المغاربة. ومع ذلك، فإن رهانات هذه المرحلة تتطلب أيضا جرعة إضافية من الواقعية والقدرة على تقديم بدائل سياسية واقتصادية مقنعة، لا مجرد الخطاب العاطفي.
موقع العدالة والتنمية وسط مشهد حزبي متغير
تشهد الساحة الحزبية المغربية تحولات لافتة، مع بروز قوى جديدة وإعادة تشكيل التحالفات التقليدية. وهو ما يفرض على العدالة والتنمية بقيادة بنكيران صياغة استراتيجية مرنة تمكنه من الحفاظ على حضوره السياسي دون الانعزال أو الذوبان في مواقف غير محسوبة.
الخلاصة
إن انتخاب عبد الإله بنكيران مجددا لقيادة حزب العدالة والتنمية يعبّر عن حاجة الحزب إلى استعادة رمزيته وزخمه، غير أن الطريق لن يكون مفروشا بالورود. فالواقع السياسي المغربي اليوم أكثر تعقيدا، وسقف انتظارات المجتمع أعلى بكثير مما كان عليه قبل عقد من الزمن. فهل ينجح بنكيران في قيادة سفينة المصباح إلى بر الأمان مجددا؟ أم أن هذه العودة ستكون بمثابة آخر محاولات إنقاذ الحزب قبل الأفول؟
Good https://urlr.me/zH3wE5
Awesome https://urlr.me/zH3wE5
Awesome https://rb.gy/4gq2o4