عندما تتحول مقاعد الدراسة إلى ساحات معارك!

ضربة قلم
في واقعة صادمة تعيد إلى الأذهان مشاهد العنف المتزايد في المؤسسات التعليمية، اهتزت مدينة آرفود على وقع حادث اعتداء خطير، حيث أقدم متدرب في معهد للتكوين المهني، لا يزال في ريعان شبابه (21 سنة فقط!)، على تعريض أستاذته لاعتداء بالسلاح الأبيض في الشارع العام. حادثة لا يمكن المرور عليها مرور الكرام، إذ تعكس أزمة تتجاوز مجرد “سلوك فردي” إلى ظاهرة تحتاج إلى تفكيك أسبابها الحقيقية.
الاعتداء.. لماذا وماذا بعد؟
المعلومات الأولية التي نشرتها المصالح الأمنية تشير إلى أن الطالب المعتدي تم توقيفه بسرعة قياسية، بعد اعتدائه العنيف الذي وثقته كاميرات الهواتف المحمولة، ليصبح مادة دسمة على مواقع التواصل الاجتماعي. لكن خلف هذا الحدث المؤسف، يبقى السؤال الأهم: ما الذي يدفع شابًا إلى مواجهة أستاذته بهذا العنف؟ وهل نحن أمام انفلات فردي أم أن الأمر جزء من واقع أوسع يتسم بتآكل هيبة الأساتذة وانحدار العلاقة بين الطلاب والمؤطرين التربويين؟
المدرسة.. من صرح للتكوين إلى حلبة للصراع!
في الماضي، كانت المدارس والمعاهد فضاءات لصقل العقول وبناء المستقبل، أما اليوم، فيبدو أن بعض المؤسسات تحولت إلى ساحات لتصفية الحسابات، حيث تلاشت الحدود بين الاحترام والعنف، وتحولت السبورة إلى ساحة حرب، قد تكون شفهية وقد تنتهي كما حدث باعتداء جسدي خطير.
والسؤال الذي يفرض نفسه: من المسؤول؟ هل هو غياب التربية الأسرية؟ أم ضعف الدور الردعي للقوانين؟ أم أن النظام التعليمي نفسه لم يعد قادراً على استيعاب الطاقات الشابة وتوجيهها نحو مسارات صحية بعيدًا عن العنف والانحراف؟
“نهاية العالم” الرقمية وتطبيع العنف
لا يمكن إنكار أن التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي ساهمت في خلق جيل يتفاعل مع العنف كمادة ترفيهية، فالفيديوهات المنتشرة على تيك توك وإنستغرام غالبًا ما تمجد السلوك العدواني، مما يجعل الأفعال العنيفة تبدو وكأنها “عروض مجانية” لتحقيق الشهرة أو حتى مجرد تفريغ للغضب المكبوت. وهذا ما يطرح تحديًا جديدًا أمام المجتمع: كيف نوقف زحف هذا التطبيع المخيف للعنف؟
القانون وحده لا يكفي!
صحيح أن المشتبه فيه يوجد الآن رهن الحراسة النظرية، لكن العقوبات وحدها ليست الحل السحري. نحن بحاجة إلى إعادة التفكير في كيفية إعادة الاعتبار للمدرسة، وكيفية بناء علاقة صحية بين الأساتذة والطلاب، قوامها الاحترام وليس الخوف، والتقدير وليس العنف.
أما في الوقت الحالي، فلننتظر ما ستسفر عنه الأبحاث الجارية، ولنرَ إن كانت هذه الواقعة مجرد حادثة عابرة، أم أنها جرس إنذار جديد يُضاف إلى قائمة طويلة من الوقائع التي تؤكد أن “التربية والتعليم” في بلادنا بحاجة إلى إنعاش عاجل، قبل أن تصبح مثل هذه الأحداث أمراً مألوفًا في حياتنا اليومية!