عندما يبكي التمساح على السمكة: الحكومة المغربية تحاول ضبط التعليم الخصوصي!

ضربة قلم
يبدو أن حكومتنا الموقرة قررت – بين فنجان قهوة وآخر – أن تضع يدها على قطاع التعليم الخصوصي، ذلك الوحش الكاسر الذي يلتهم جيوب الأسر المغربية دون رحمة. كيف لا، وهو القطاع الذي أصبح الملاذ الآمن لأصحاب رؤوس الأموال، خصوصًا بعض البرلمانيين الذين اكتشفوا أن التعليم ليس فقط “رسالة نبيلة”، بل أيضًا “صفقة رابحة” لا تعرف الخسارة!
البرلمانيون والتربية: زواج مصلحة أم حب أبدي؟
من المعروف أن الاستثمار في التعليم الخصوصي أصبح هواية مفضلة لدى العديد من نواب الأمة، الذين قرروا أن يساهموا في “الرقي بالمنظومة التربوية”، طبعًا ليس من خلال إصلاح التعليم العمومي، بل عبر بناء مدارس خصوصية فاخرة حيث رسوم التسجيل تحتاج إلى قرض بنكي، والتأمين المدرسي أغلى من التأمين على الحياة، واللوازم الدراسية تُشترى حصريًا من “مول الحانوت” التابع للمؤسسة. أي تربية هذه التي لا تنمو عند الطفل سوى مهارة “اقتراض المال” منذ نعومة أظافره؟
القانون الجديد: عدالة أم حملة علاقات عامة؟
وصادقت حكومتنا على مشروع قانون جديد يضع قيودًا مشددة على قطاع التعليم الخصوصي، وكأنها فجأة أدركت أن المواطن المغربي منهك من هذا النزيف المالي الذي يتكرر كل دخول مدرسي. نص القانون مليء بالغرامات والعقوبات، وكأنه يريد أن يقول لمالكي المدارس: “كفى استنزافًا!”، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل ستُطبق هذه العقوبات أم أنها مجرد زوبعة في فنجان إصلاحاتنا الورقية؟
من سيدفع الفاتورة؟
بالنظر إلى تاريخنا المجيد في تمرير القوانين، فغالبًا ما تكون النتيجة واحدة: المواطن هو الخاسر الأكبر. فبعد هذا القانون، من المرجح أن تقوم المؤسسات الخصوصية بتعويض خسائرها عبر رفع الرسوم بطريقة أكثر “إبداعية”، ربما تحت مسميات جديدة مثل “مصاريف الهواء النقي في الساحة المدرسية” أو “رسم استخدام المرحاض خمس نجوم”.
الغرامات: هل تكفي؟
يعاقب القانون كل من يفتح مدرسة خصوصية بدون ترخيص بغرامة تتراوح بين 10,000 و50,000 درهم. يا سلام! هذا مبلغ قد يعادل مصاريف شهرين لتلميذ واحد في بعض المدارس الفاخرة. هل هذه الغرامة فعلاً كافية لردع المستثمرين الذين يحصدون الملايين سنويًا؟ إنها أشبه بمعاقبة لص محترف بغرامة ثمن علبة سجائر.
أما المؤسسات التي تُجبر الآباء على شراء اللوازم المدرسية من داخلها، فهل سيمنعها القانون من ممارسة هذه العادة؟ أم أنها ستجد طرقًا جديدة للالتفاف على هذه الإجراءات، مثل تقديم “باقات مميزة” تشمل الكتب ولوازم الدراسة بسعر “مدعوم”، أي مدعوم من جيوبنا نحن؟
الخاتمة: قافلة التعليم تسير… والمغاربة يدفعون!
في النهاية، سيظل السؤال المطروح: هل ستتمكن الحكومة من ضبط التعليم الخصوصي فعلًا، أم أن أصحاب المدارس سيجدون ثغرات تتيح لهم استمرار حلب المواطنين بطرق جديدة؟ هل نحن أمام بداية إصلاح حقيقي أم مجرد حملة علاقات عامة ستنتهي بانتهاء الجدل الإعلامي؟
الزمن كفيل بالإجابة، لكن ما نعرفه يقينًا هو أن الدخول المدرسي القادم سيكون كما العادة: قروض، احتجاجات، وجملة خالدة تتردد على لسان كل ولي أمر مغربي: “واش ولدي كيقرا ولا كيصيفط الصواريخ للفضاء؟!”