غابة سيدي إسماعيل تتحول إلى مسرح جريمة: اختطاف طالبتين تحت تهديد السكين في وضح النهار!

ضربة قلم
في بلادٍ كانت تُعرف يومًا بالأمان والطمأنينة، تحوّلت الساعة الثالثة والنصف من مساء هذا الأحد إلى مشهد من فيلم بوليسي رديء الإخراج، لكنه واقعي حدّ الألم. لم نكن نحتاج إلى “نتفليكس”، فقد أصبحنا نعيش حلقات من الرعب المجاني كل يوم، ومجانًا… ودون اشتراك.
الواقعة؟ باختصار: طالبتان خرجتا طلبًا للعلم، فوجدتا نفسيهما فجأة في درس تطبيقي في “الجريمة المنظمة تحت السكين”.
اختُطفتا تحت التهديد بسلاح أبيض (أبيض اسماً وسواداً فعلاً)، واقتيدتا بالقوة على متن سيارة كونغو – وكأنها مركبة مهجورة من أفلام الزومبي – نحو غابة في سيدي إسماعيل، وكأنها نُسخة محلية من مشروع الساحرة بلير “The Blair Witch Project”، لكن بلا سيناريو، وبكثير من الجنون.
ما كان الهدف؟ الاغتصاب، والسرقة، وربما قليل من الرعب “على السريع”…
أما الفاعلان، فكانا يظنان أن الغابة هي ملاذ آمن لهم وحدهم، دون أن يعلموا أن درك سيدي إسماعيل بالقرب من الجديدة، وفّق بين الغابة والتكنولوجيا، وركب رأسه بدل السيارة.
الأبطال الحقيقيون هذه المرة لم يكونوا في مسلسل خيالي، بل في فرقة الدرك الملكي، التي استنجدت بعناصر المركز القضائي، ونزلت إلى الميدان كما يجب، لتمشط المدينة، وتلتقط الخيوط، وتصل إلى السيارة المعنية -تلك الـ”كونغو” التي كانت أداة خطف بدل أن تكون وسيلة نقل- ثم توجهت بكل دقة إلى أوكار الوحشين، حيث جرى توقيفهما وهما يستمتعان ربما بلحظة اللامبالاة.
عندها، وعلى الطريقة الرسمية، تدخلت النيابة العامة التي أمرت بوضعهما تحت تدابير الحراسة النظرية…
وبكل جدية، نسأل: إلى أين وصلنا؟
صرنا نعيش على وقع جرائم لم نكن نسمع بها إلا في نشرات الأخبار الأجنبية…
طالبات يختطفن في وضح النهار!
سكاكين تتجول أكثر من التلاميذ في الساحات!
وغابات تتحول من رئة الطبيعة إلى مرقد للرعب!
أليس من المحزن أن تتحول شوارعنا إلى مناطق “خطر محتمل”، وأن يصير الذهاب إلى المدرسة مغامرة، والخروج من البيت مشروع نجاة؟
ألم نكن نفاخر يومًا بأننا بلد الأمن والاستقرار؟ فهل هذه الجرائم النابتة كالفطر من تربة العنف، هي مؤشرات زمن الانهيار الأخلاقي؟ أم أن السكين صار له صوت أعلى من الضمير؟
المفارقة الكبرى أن المغرب الذي يرفع شعار الرقمنة والتطور، لا يزال فيه البعض يفضل أن “يخطف” بدل أن “يحلم”، أن “يرهب” بدل أن “يشتغل”، أن يهاجم بدل أن يعيش بسلام.
إننا بكل بساطة، أمام مشهد سوريالي عنوانه العريض:
“من كان يخاف من الذئب في الغابة، صار عليه الآن أن يخاف من الإنسان!”




