غضب واسع بعد فيديو يوثق اعتداء شرطيين على مواطن.. والمديرية تتدخل

ضربة قلم
انتشر خلال الساعات الأخيرة مقطع فيديو كالنار في الهشيم، يُظهر عنصرين أمنيين وهما ينهالان بالعصا على مواطن أعزل في الشارع العام، مشهدٌ صادم خلّف موجة اشمئزاز وغضب عارمين في صفوف المغاربة الذين لم يعودوا يفرّقون بين مشهد واقعي وآخر من فيلمٍ بوليسي سيئ الإخراج.
الضحية، وعلى ما يبدو، لم يكن يحمل سلاحاً ولا يُظهر أي مقاومة تُذكر، بينما الشرطيان يواصلان “تأديبه” على طريقة القرون الوسطى، وكأننا أمام مباراةٍ في رياضةٍ جديدة اسمها “الجلد الأمني الحر”.
وهنا يتساءل المواطن، وهو يعضّ على كرامته:
هل شرع بعض رجال الأمن في التدرّب على هذه الرياضة استعداداً لمونديال 2030؟ أم أن العصا باتت وسيلة “تواصل” جديدة بين المواطن والدولة في زمن الإصلاح الأمني؟
المديرية العامة للأمن الوطني لم تتأخر في التفاعل، إذ أصدرت بلاغاً رسمياً تؤكد فيه فتح تحقيق في الواقعة، مع التعهد باتخاذ الإجراءات التأديبية والقانونية اللازمة في حال ثبوت التجاوزات. خطوة إيجابية.
بين الصورة والواقع
الخطير في الأمر ليس فقط مشهد الاعتداء ذاته، بل ما يرمز إليه:
علاقة غير متوازنة بين السلطة والمواطن، حيث تتحول العصا من أداةٍ لضبط النظام إلى رمزٍ لإهانة الكرامة.
المواطن الذي يُطالَب كل يوم بالثقة في مؤسسات بلاده، يرى نفسه اليوم ضحيةً لمن يفترض أن يحميه. فكيف نُقنعه بأن الأمن في خدمة الشعب، بينما الفيديوهات تُظهر العكس تماماً؟
رسالة الشارع إلى من يهمه الأمر
ما وقع ليس “حالة معزولة”، بل صفعة رمزية على وجه كل مغربي يحلم بوطنٍ يحترم الإنسان قبل القانون.
نعم، نريد أمنًا قويًا، حازمًا، منضبطًا، لكننا نرفض أن يكون ذلك على حساب الكرامة.
فالوطن لا يُبنى بالعصيّ، بل بالثقة والعدالة والمساءلة.
قد يمرّ الحدث مثل غيره، وقد يُنسى بعد أيام، لكنّ الجرح في الذاكرة الشعبية لا يندمل بسهولة.
وإذا كان المغرب يستعد لاستقبال العالم في كأس 2030، فليتذكر أن العالم سيرى أيضًا كيف نعامل أبناءنا في الشوارع قبل أن نصفّق في الملاعب.




