فضيحة تغيير تواريخ الصلاحية في الدار البيضاء: كيف نحمي المستهلك؟

ضربة قلم
انتشر اليوم الخميس 6 مارس 2025، فيديو صادم على مواقع التواصل الاجتماعي يوثق لحظة مداهمة مستودع لتخزين وتوزيع المواد الغذائية بالجملة في الدار البيضاء، حيث ظهر رجال المراقبة وهم يضبطون عمليات تزوير ممنهجة لتواريخ انتهاء الصلاحية على منتجات استهلاكية مثل علب الطماطم المركزة، علب المربى، وعلب الجلبانة المصبرة. هذه الواقعة ليست مجرد حادثة معزولة، بل هي انعكاس لواقع أخطر يتمثل في التلاعب بصحة المواطنين لتحقيق أرباح غير مشروعة.
كيف يتم تزوير تواريخ الصلاحية؟
عملية التزوير لا تتطلب تقنيات متطورة، بل تعتمد على أدوات بسيطة مثل:
- إعادة طباعة التواريخ: إزالة الطباعة الأصلية باستخدام مذيبات كيميائية أو حكها بأدوات خاصة، ثم إعادة طباعة تواريخ جديدة بآلات خاصة.
- استخدام ملصقات مزورة: تغطية التاريخ الأصلي بملصقات تحمل تواريخ جديدة تبدو أصلية.
- إعادة تغليف المنتجات: في بعض الحالات، يتم نقل المحتويات إلى عبوات جديدة، مما يصعب على المستهلك اكتشاف التلاعب.
لماذا تنتشر هذه الظاهرة؟
- غياب الرقابة الصارمة: رغم وجود هيئات مراقبة مثل المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (ONSSA)، فإن غياب حب المهنة وضعف الإمكانيات اللوجستية وعدم كفاية عدد المراقبين يسمح لهذه العمليات بالاستمرار.
- غياب العقوبات الرادعة: غالبًا ما تكون العقوبات غير كافية، حيث يتم الاكتفاء بغرامات أو إغلاق مؤقت، مما لا يردع المجرمين.
- تواطؤ بعض الفاعلين: أحيانًا، يتم التغاضي عن هذه التجاوزات بفضل شبكات من المصالح التي تتداخل بين الموردين، الموزعين وحتى بعض المفتشين الفاسدين.
- الطلب المرتفع على المواد الرخيصة: نظراً للضغط الاقتصادي، يلجأ المستهلكون إلى شراء المواد الأرخص دون التدقيق في جودتها أو مصدرها.
المخاطر الصحية لاستهلاك منتجات منتهية الصلاحية
- التسمم الغذائي: قد تحتوي هذه المنتجات على بكتيريا خطيرة مثل السالمونيلا والإشريكية القولونية، مما قد يؤدي إلى حالات تسمم خطيرة.
- تأثيرات سامة: بعض الأطعمة الفاسدة تنتج سمومًا كيميائية يمكن أن تؤدي إلى أمراض مزمنة.
- ضعف المناعة وأمراض الجهاز الهضمي: تناول أطعمة فاسدة باستمرار قد يؤدي إلى ضعف المناعة ومشاكل هضمية حادة.
الحلول المقترحة لمكافحة هذه الظاهرة
- تشديد المراقبة
- تعزيز دور المكتب الوطني للسلامة الصحية بزيادة عدد المفتشين وتمكينهم من وسائل متطورة للكشف عن التزوير.
- تكثيف الحملات التفتيشية المباغتة وعدم الاقتصار على زيارات دورية متوقعة.
- إشراك المجتمع المدني في عمليات الإبلاغ عن المخالفات.
- عقوبات زجرية أكثر صرامة
- فرض غرامات مالية ضخمة تصل إلى الملايين، بدل الاكتفاء بعقوبات رمزية.
- إغلاق نهائي لأي مؤسسة يتم ضبطها في عمليات تزوير مماثلة، ومنع أصحابها من مزاولة النشاط التجاري مستقبلاً.
- متابعة جنائية للمسؤولين عن التزوير، مع عقوبات سجنية تصل إلى عشر سنوات.
- تعزيز وعي المستهلك
- إطلاق حملات توعوية حول كيفية قراءة تواريخ الصلاحية والتمييز بين التزوير والأصلي.
- تشجيع المستهلكين على التبليغ عن أي منتج مشكوك فيه عبر تطبيقات رقمية أو منصات رسمية.
- إدراج التربية الغذائية ضمن المناهج الدراسية لتعريف الأجيال القادمة بأهمية سلامة الأغذية.
- استخدام التكنولوجيا للكشف عن التزوير
- تطوير تطبيقات رقمية تسمح للمستهلكين بمسح الباركود الخاص بالمنتجات للتحقق من تواريخ الصلاحية من قاعدة بيانات مركزية.
- فرض استخدام تقنيات مثل الحبر غير القابل للإزالة أو الطباعة بالليزر لمنع التلاعب بالتواريخ.
- إدراج رموز QR على المنتجات تسمح بالتحقق من مصدرها وتاريخ صلاحيتها.
- إصلاح شامل لمنظومة التوزيع
- إلزام الشركات المنتجة والموزعين باستخدام أنظمة تتبع دقيقة لضمان وصول المنتجات إلى المستهلك بأمان.
- فرض رقابة مشددة على المستودعات العشوائية التي تفتقد لأدنى معايير السلامة.
- تسهيل إجراءات التبليغ عن المخالفات وحماية المبلغين من أي انتقام محتمل.
خاتمة
ما حدث في هذا المستودع ليس مجرد جريمة اقتصادية، بل هو تهديد مباشر لصحة المواطنين. إذا لم يتم التعامل مع هذه الظاهرة بجدية وحزم، فإن الثقة في سلامة الأغذية بالمغرب ستنهار. الحل لا يكمن فقط في العقوبات، بل في استراتيجية شاملة تشمل الرقابة، الردع، الوعي والتكنولوجيا. الكرة الآن في ملعب السلطات المعنية، فهل سنرى تحركاً حقيقياً أم سيبقى الأمر مجرد “فيديو صادم آخر” ينساه الناس بعد أيام؟