مجتمعالشأن المحلي

فيلات جماعة المحمدية فابور… والساكنة تدفع الفاتورة!

ضربة قلم

جماعة المحمدية، هذا الكنز العقاري الذي يُدار وكأنه في غيبوبة مؤسسية، حيث تتصرف الجماعة في الممتلكات كما يتصرف الطفل في “ليكوش”؛ تتبخر المعطيات وتُطمس المسؤوليات. تمتلك أرصدة هائلة من العقارات والمتاجر والفيلات، لكنها كلما سُئلت: من يملك؟ من يقطن؟ من يدفع؟ تُغلق الأبواب في وجه الشفافية. غالبًا، لا إجابة. أو لنقل إن الجواب الوحيد المؤكد هو أن المواطن وحده من يتحمّل كلفة هذه الفوضى المقنّعة.

فلنبدأ بفيلا عامل العمالة: هل يدفع الكراء أم يقيم بـ”نية الخير ورضا الوالدين”؟ الله أعلم. وهنا لا نريد أن نظلم أحدا، فقط نسأل سؤالا بسيطا يشبه سؤال تلميذ في القسم الأول: هل هذا السكن ملك خاص أم مال عام؟ وإذا كان مالا عاما، لماذا لا نعرف من يدفع الإيجار، ولا كم هو، ولا أين تصب مداخيله؟ أم أن الفكرة من الأساس غريبة، وكأننا نقترح تحصيل الضريبة على الهواء؟

وما دمنا بصدد الغرائب، لنقف دقيقة تأمل عند مسكن رئيس المنطقة الأمنية. الرجل طبعا يؤدي مهامه، ولكن لماذا تسكنه الإدارة العامة للأمن في عقار تابع للجماعة دون أن نعرف ما إذا كانت الجماعة تستفيد من شيء؟ هل الجماعة تحولت إلى وكالة للكراء المجاني؟ أم أننا أمام اتفاقيات سرية تُدار كما تُدار مقابلات “البلايستيشن”: بدون قانون، وبدون جمهور، والنتيجة معروفة مسبقا؟

وهذه الجماعة التي نحبها كثيرًا، تجدها توزع السكن كما توزع “النكافات” الحلويات في الأعراس: هذا خذ فيلا، وذاك خذ حي سكني، والآخر حظك زوين تملك العقار بثمن مضاعف، أما أنت فابقَ مكانك لأن المستفيدين اختلفوا على من يكون محظوظ اليوم! المجالس السابقة حاولت وفشلت، والمجالس اللاحقة ستحاول وتفشل، وبين الفشل والفشل، تُوزَّع الأراضي وتُمنح السكنيات ويُكتب في المحاضر “لا يمكن الحسم لعدم التوافق”! الله، يا سلام!

والأحياء السكنية؟ حدث ولا حرج. بعضها تم تفويته للساكنة بثمن السوق السوداء وليس السوق العقاري، ومع ذلك ما زلنا نسمع شعارات من قبيل: “الحق في السكن للجميع”، “الجماعة في خدمة المواطن”، بينما الحقيقة أن الجماعة في خدمة أشباح الموظفين المتقاعدين الذين ما زالوا يحتلون الفيلات كأنها إرث عائلي أو ملك محفوظ من أيام الحماية.

ولن نُعرّج كثيرًا على جوطية المدينة ولا على دكاكين زنقتي السقاية وسوس، لأن تلك قصة أخرى تستحق رواية من ثلاثة أجزاء، ربما يكتبها مستقبلا كاتب خيالي تحت عنوان: “من باع الزنقة؟ وكيف صارت الكاراجات دكاكين؟ ومن حوّل السوق إلى ملكية خاصة وهو نائم؟”

لكن نعود إلى مربط الفرس: الفيلات الجماعية، تلك التي يسكنها المتقاعدون من موظفي الجماعة منذ عقود، بعضهم تحوّل إلى مالك شقق في البحر، وأراضٍ في الجبل، وربما حتى بنايات في الفضاء، لكنهم لم يتركوا مفاتيح فيلات الأحياء المحيطة بالقصبة والمنبت وشارع سبتة. فهل هؤلاء غير قابلين للإفراغ؟ هل هناك قانون سري يقول: “إذا اشتغلت مع الجماعة مدة 20 سنة، فإن لك فيلا حتى الموت”؟

كل هذا يحدث، ولا أحد يطالب بالإفراغ، ولا أحد يُحْيي النقاش حول استغلال ممتلكات الجماعة، وكأن هذه العقارات بئر بلا قرار، حفرتها الجماعة ونسيتها، فتناسل فيها الحيتان، وأصبح حتى اقتراح تحصيل الكراء أو إعادة الاستثمار في هذه العقارات يعتبر “قِلّة حياء”! يا للوقاحة!

ولذلك، يا سادة، لا بد من حملة، بل زوبعة، بل زلزال من نوع خاص، زلزال لا يهدم البنايات، بل يهدم “الحصانات الوهمية” التي تحوّلت معها ممتلكات الجماعة إلى غنائم حرب! حملة يجب أن تقول بصوت عالٍ: أفرغوا الفيلات! عُودوا إلى رشدكم، فالجماعة ليست يتيمة، والمواطن ليس غبيًا، و”السكوت عن المنكر منكر”!

فلتتحرك جمعيات الشفافية، ولتصرخ الأحزاب، ولتغضب الصحافة، بل فليُكتب على الجدران: من يسكن فيلات الجماعة؟ وبأي حق؟ وليُرفع الشعار الأعلى: “كفى من الاستيطان غير المنظم … لقد انتهى زمن السكات والتغماس!”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.