دفاتر قضائية

فيلا كاليفورنيا: الكوميديا السوداء على الطريقة المغربية

ضربة قلم

في رواية يبدو أن ألفريد هيتشكوك نفسه سيجد صعوبة في تتبع خيوطها، يخرج علينا قاسم بلمير، النائب البرلماني السابق و”رجل الثقة”، ليقصّ علينا واحدة من أروع الحكايات في سجل العبث السياسي المغربي… حيث الفيلا لا تعرف لمن تعود، والمفاتيح توزع كما توزع الحلويات في الأعراس، والشيكات تُسلم دون توثيق، داخل مقر نادٍ رياضي، وبين دفتي البرلمان، وتحت أضواء العلاقات الحزبية.

في عالم قاسم، كل شيء يتم بـ”الثقة”:
البيع بالثقة، والشراء بالثقة، والتصويت لفوزي لقجع أيضًا بالثقة!
بل وحتى إرسال الطرود النقدية، يتم عبر الـ”طرِيطَة”، وفي مرآب البرلمان، ربما جنبًا إلى جنب مع أسلاك الميكروفونات والخرائط الاستراتيجية للديمقراطية.

إسكوبار، الكسكسي، ولطيفة رأفت: مثلث برمودا المغربي

في فصل آخر من هذا المسلسل المتشابك، نكتشف أن “إسكوبار الصحراء”، الذي قدّم نفسه كزعيم مافيوزي من طراز عالمي، لا يهتم كثيرًا بالكوكايين في هذه القصة، بل يبحث فقط عن وجبة كسكس لفنانته المفضلة لطيفة رأفت. ويبدو أن بلمير لم يجد أي مانع في أن يفتح له أبواب الفيلا الفخمة كي تأخذ الفنانة قسطًا من الراحة بعد الغداء… و”ما فيها باس، راه ثقة”.

هنا تصبح “فيلا كاليفورنيا” مطعمًا تقليديًا، وصالة ضيافة، ومكان إقامة مؤقت، وأيضًا محط نزاع دولي بين نائب سابق، ورئيس نادٍ كروي، وتاجر مخدرات، وزوجة فنانة بمقام الطرب الأصيل. هل هذه حبكة درامية؟ لا يا عزيزي… هذا المغرب الجديد بعد أن تنقلك السياسة إلى كاليفورنيا وتعيدك إلى البرلمان محمّلًا بالطرِيطات.

مرآب البرلمان: تحويل المؤسسات إلى كراجات نقدية

يا سلام! البرلمان المغربي ليس فقط مؤسسة للتشريع والنقاش العام، بل يبدو أنه تحول أيضًا إلى وكالة تحويل الأموال بين السادة النواب. تخيلوا معنا المشهد: قاسم يتلقى حوالة بـ300 مليون في المرآب، ثم بعدها 100 مليون، ثم 200 مليون… في ما يشبه “خدمة تحويل الأموال الوطنية” تحت قبة الديمقراطية.

وفي هذا السياق، قد نحتاج مستقبلًا إلى تأسيس بنك رسمي داخل البرلمان، وليكن اسمه مثلًا:
“بنك الثقة المغربي: حيث تُصرف الوعود، وتُحول الفيلاّت”!

من “ثقة” إلى “فوضى”… والعنوان: البام

نعم، حزب الأصالة والمعاصرة هنا حاضر بقوة، ليس بصفته كيانًا سياسيًا يدافع عن قضايا الشعب، بل كـشبكة علاقات داخلية لتبادل الشيكات، والفيلاّت، وتوصيات التصويت، وتوزيع الثقة على المقاس.
بلمير يبيع الفيلا لأنه يثق في الناصري، لأنه رئيس الوداد، وبرلماني، وقيادي في البام، ويصوّت للقجع لأن الناصري طلب منه ذلك… يا سلام على الاستقلالية الفكرية!

“آش عند هاد إسكوبار؟”… والسؤال الأهم: آش عندنا احنا كمغاربة؟

حين يسأل النائب السابق: “آش عند هاد إسكوبار؟ ما يملك ولا ما يبيع!”
نجيبه بسؤال أعمق:
آش عند هاد البرلمان اللي يسمح بهذا السلوك؟ آش عند هاد السياسة اللي تحولت إلى تجارة؟ آش عندنا احنا كمغاربة من كل هاد المسلسل؟

نحن أمام طبقة سياسية تتنازع حول ملكية الفيلاّت، وتوزيع الملايين، وتنظيم سهرات في منازل فاخرة، بينما باقي الشعب يتابع المشهد كأنه يتفرج في حلقة من “كازا نيكست لهذا المستوى.

وأخيرًا… رسالة من الشعب إلى “سيرك الفيلا

أيها السادة الكرام،
لقد حولتم السياسة إلى بازار…
والفيلا إلى أوتيل فخم مجاني…
والبرلمان إلى تحويلة مالية…
والثقة إلى سلعة تباع وتشترى…

لكن لا تنسوا شيئًا واحدًا:
الناس تراقب، والفضائح تُسجل، وتاريخ المدن لا يُكتب في الفيلاّت، بل في ضمائر من يخدمونها بصدق.

وإن كانت “فيلا كاليفورنيا” شهدت توزيع الأموال، فالمغرب الحقيقي لا يزال ينتظر منكم مشروعًا واحدًا، صادقًا، يستحق كل هذه الثقة التي تتبجحون بها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.