قاعة البرلمان تتحول إلى صالون حلاقة… بمباركة الداخلية!

ضربة قلم
أهلاً بك في عرض جديد من السيرك السياسي المغربي، وهذه المرة من قلب لجنة الداخلية والجماعات الترابية، حيث تحوّل الاجتماع إلى ستاند آب كوميدي غير معلن. أحد النواب، وقد يبدو أنه كان ضحية لحصة من برامج تلفزيون الواقع بدل تكوين سياسي، قرر فجأة أن أكبر خطر على الديمقراطية المغربية ليس الفساد، ولا المحسوبية، ولا ضعف الكفاءة، بل… السراويل الممزقة!
نعم، لقد تم الإعلان رسمياً أن الجينز المثقوب بات عدواً للمؤسسات المنتخبة. وربما في النسخة القادمة من الدستور سنرى فصلاً كاملاً بعنوان “في ضرورة صيانة هيبة الدولة من الموضة الغربية”. والكارثة؟ أن قاعة اللجنة، بما في ذلك وزير الداخلية نفسه، تحولت إلى جمهور ساخر يضحك على نكتة لم تكن مفترضة أن تكون نكتة.
النائب العزيز وصف بعض المرشحين بأنهم “شباب صغار من أصحاب السراويل الممزقة”، وكأننا بصدد دخول معركة انتخابية ضد فرقة رولينغ ستونز. وأكملها بحس درامي عظيم، متهماً بعض الأحزاب بأنها تمنح التزكيات لكل من “يصادفونه في الزنقة”، في مشهد أشبه بما يجري في سوق أسبوعي: “آجي آ خويا، واش بغيتي تترشح؟ معندكش سروال مقطع؟ ماشي مشكل، غادي ندوّروه ليك!”
قد تقول إن صاحبنا النائب لم يكن في الحقيقة يناقش قانون الانتخابات، بل كان في نوبة هلع وجودي ضد الحلاقة الغريبة، تلك الآفة الحديثة التي، في نظره، تهدد تماسك الدولة أكثر من العجز الميزانياتي وسوء تدبير الماء والكهرباء مجتمعين.
فهو، بكل ما أوتي من رصانة ووقار، انتفض لا ضد الفساد أو الزبونية، بل ضد مظهر شعري “ينم عن مراهقة غير صالحة لمناقشة الشأن المحلي”، وكأننا بصدد إجراء فحص نفسي بصري للمرشحين: من لا ينجح في اختبار الشَعر المتوازن يُمنع من مناقشة قنوات الصرف الصحي!
والأطرف من ذلك، أن هذه المراهقة حسب قاموس النائب ليست فقط غير صالحة، بل غير قابلة للإصلاح، كأن الشعر إذا تم تهذيبه بالماكينة رقم 2 بطريقة معكوسة يصبح عقبة دستورية، أو كأن الحلاقة الغريبة تؤثر في قرارات الميزانية المحلية أكثر من تقارير المجلس الأعلى للحسابات.
ثم جاءت القنبلة الكبرى: سحب التزكيات من الأحزاب وتسليمها لوزارة الداخلية! طبعاً، لأن لا أحد أدرى بأمر الديمقراطية من جهاز إداري مهمته تنظيم السير والجولان وتحرير المخالفات. يبدو أننا مقبلون على انتخابات تحت شعار: “صوّت على مرشحك… بموافقة القائد!”
باختصار، هذا النائب لا يريد مجلساً منتخَباً، بل يريد عرض أزياء بطابع إداري صارم، حيث يتم إقصاء كل من لا يرتدي سروالاً مكويّاً ويمشي على نغمة النشيد الوطني.