سياسة

قراءة ثانية للمسطرة المدنية… والمعارضة تُعلّم الأغلبية أبجديات الدستور!

ضربة قلم

في مشهد برلماني لا يخلو من الطرافة القانونية، تحوّلت جلسة التصويت على مشروع قانون المسطرة المدنية، يوم الثلاثاء 17 يونيو 2025، إلى ما يشبه جلسة تذكير جماعي لرئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي، بواجب قديم عليه… لكنه على ما يبدو وقع عليه التقادم! هكذا، بكل بساطة، أجاب الرئيس على مطالب المعارضة، وكأن الذاكرة الدستورية تُشحن بـ”USB” منسي.

المعارضة، بجميع أطيافها، خرجت من جلابيبها لتطالب العلمي بـ”الوفاء بالوعد”، بإحالة المشروع إلى المحكمة الدستورية. وصفوا الخطوة بأنها تمرين ديمقراطي، بينما بدت على وجه رئيس المجلس ملامح من خضع لاختبار مفاجئ لم يراجع له.

وسط جوقة المطالبين بعرض مشروع المسطرة المدنية على المحكمة الدستورية، وقف النائب عبد الصمد حيكر، ممثل المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، بثبات من يبحث عن “مرجعية دستورية” وسط ضوضاء الالتزامات المنسية.

حيكر لم يرفع صوته، بل رفع منسوب “القلق المؤسسي”، حين قال إن مشروع القانون هذا لا يمر مرور الكرام، بل يثير “مؤاخذات دستورية جدية”. ثم أطلق عبارته التي تصلح عنوانًا لدورة تكوينية في الديمقراطية:
“نحن نطالب بإحالة المشروع، لأننا نريد الأمن القانوني، لا أن ننتظر حتى نقع في متاهات الدفع بعدم الدستورية”، حيث بدا كمن يحمل مصباحًا قانونيًا في نفق سياسي، متمنيًا أن تمرّ إحالة القانون بسلام قبل أن تتعطل “الفرامل الدستورية”.

البرلمانية مليكة الزخنيني اعتبرت أن الالتزام هو التزام، والدستور لا يعرف النسيان، إلا إذا كان الفصل 132 قد “خرج يتشمّس” خارج القاعة!

أما نادية التهامي، فاختصرت الموقف في عبارة واحدة: “لا نطلب المستحيل، فقط نذكّر بوعدكم، يا سيادة الرئيس”، لتأتي الإجابة الصادمة من العلمي: “راه داك الالتزام داز عليه 3 شهور، وقع عليه التقادم!”، وكأن التزامات المؤسسة التشريعية لها تاريخ صلاحية مثل “اليوغورت”!

هنا، دخل عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، على الخط وكأنه خرج للتو من “مسرحية قانونية ساخرة”، فأعلن بحماس لا يُضاهى أنه يُرحب بإحالة المشروع، بل “يطلبها بشوق” كما يطلب الشاعر قُبلة من الحبيبة الغائبة. وقال متحديًا: “إحيلوها على المحكمة، وأنا باقٍ وزير، وأنتم باقون برلمانيين، والطالبي باقٍ رئيسًا، والمحكمة باقية، وإنا لله وإنا إليه راجعون!”.

رسالة وهبي واضحة: “غير دوزو القانون للمحكمة، ما غادي يوقع والو، الدنيا غاديّة تكمل، وحتى إذا رجعنا للنقاش، ماشي مشكل، راه عدنا الوقت، وحنا فالمغرب ماشي فماراثون الدستور”.

وهكذا، بينما يُنتظر أن يتحول المشروع إلى “مسطرة مدنية دستورية أو لا مدنية أصلاً”، يبقى الأمل ألا يُصاب باقي جدول الأعمال البرلماني هو الآخر بـ”النسيان مع سبق الإصرار والتقادم”، وأن لا نحتاج مستقبلاً إلى “محكمة النوايا” بدل المحكمة الدستورية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.