
ضربة قلم
يا سيدتي ويا سيدي، لا تسحبوا قروضكم بعد، فلعل القصة لم تنتهِ بعد، بل بدأت لتوها… مرحبًا بكم في الحلقة الجديدة من مسلسل “بنك على حافة الإفلاس… ومكلف بالزبائن على حافة الإبداع”.
بنك ولا فرقة ديال البريكولور؟
فتحت مصالح الرقابة الداخلية أبوابها، ولا نقصد هنا أبواب القروض طبعًا، بل أبواب الجحيم المهني، حيث بدأ التدقيق في واحدة من أعجب المسرحيات المصرفية: موظفون بنكيون يتقمصون دور “روبن هود”، يوزعون الأموال على الزبناء الطيبين، لا لشراء القصور فقط، بل لتغطية تكاليف الورقة والقلم والدهن والكراطة!
الزبون يطلب قرضًا لشراء شقة بـ80 مليون، فيحصل على 90، “باش يدهنها بلون الروح” ويبدّل الحنفيات، لكن فجأة تَبين أن لا دهان تم ولا حنفية تحركت. الفواتير حاضرة، الأشغال غائبة، والتوقيعات تمرُّ كما تمرّ الرشوة في عرس إداري.
القرض المزدوج: قسطان في القلب!
من فرط “الذكاء البنكي”، أصبح الزبون يؤدي قسطين: واحدًا للسكن، والآخر للتهيئة، فيعيش في بيت لم يُهيأ، لكن يدفع كأنه يسكن قصرًا إسبانيًا بأثاث إيطالي! أما الموظف البنكي، فيتجوّل بفخر كأنه مخرج سينمائي حصل على أوسكار أفضل سيناريو تلاعب.
ضغط الأهداف: “جيب القروض أو رجّع البادج!”
في مقر البنك المركزي، هناك من قرر أن التنافس لا بد أن يكون داميًا. من لم يُحقّق أهدافه في بيع القروض، فلا حق له في حبة سكر في الشاي. فبدأ الابتكار: “قروض تهيئة”، “قروض تدفئة”، وربما لاحقًا “قروض تهنئة” بمناسبة الحصول على قرض جديد!
فواتير من عالم آخر
تَبين أن الزبائن أذكى مما كنا نظن: فواتير إصلاح مطابخ، دون مطابخ؛ إصلاح صالونات، دون صالونات؛ دهان الجدران، دون جدران. أشغال لم تتم، لكن تمّت على الورق ببراعة لا توجد حتى في لوحات بيكاسو. لقد دخلنا عصر الـ”فوتوشوب العقاري”.
محاضر المعاينة: فين غبرتي آالمسؤول؟
في الأعراف البنكية، يجب على المسؤولين معاينة الشقة بعد التهيئة، لكن البعض كان “يتعذر عندو الصهد”، ففضّل المعاينة الافتراضية. ضغطة زر، توقيع إلكتروني، وفُرجت القروض. ولما دخلت الرقابة الداخلية على الخط، سألوا: “واش شفتو الشقة؟”، أجاب أحدهم: “بـGoogle Maps، وكانت باينة مزيانة!”
بنك المغرب في دور “الشرطي اللطيف“
بنك المغرب يراقب الوضع من برج مراقبته العالي، يصدر تقاريرًا ويُلوّح بالقوانين، لكنه يظل مثل ذاك الأب الذي يهدد أبناءه بالحرمان من المصروف… بينما يُدخل لهم الحلوى تحت الطاولة. نعم، هناك معايير احترازية، لكن شكون اللي كيتحمل مسؤولية مراقبة التطبيق؟ الله أعلم.
بين الحيلة والابتكار… أين الخط الفاصل؟
الحقيقة أن ما جرى لا يندرج في باب النصب فقط، بل في باب “الإبداع المغربي المعاصر”، حيث تتحول القروض إلى منح خفية، والفواتير إلى قصص بوليسية مشوّقة، والعقارات إلى أوهام مؤثثة بالديون.
تجميد القروض: ها العار ما تبقاوش تعطيوهم شي حاجة!
في حركة أشبه بما يفعله الحلاق لما يطيح الزبون بالكرسي: أوقفت الإدارة المركزية منح قروض السكن وقروض التهيئة “حتى إشعار آخر”، وكأنها تقول لموظفيها: “تهنيتونا… دبا شوفو فين تلاقاو شي خدمة أخرى!”
المشهد الختامي: تهيئة مالية بلا تجهيز عقاري
الآن، وبعد أن أصبح الوضع “باين عليه من بعيد”، تعتزم الجهات البنكية “تشديد الرقابة” والاستعانة بالخبراء، وربما بأهل الحومة، لمعرفة هل تم طلاء الحائط فعلاً أم فقط تم “تجميله” عبر فتوشوب الفواتير. نعم، قد تشهد المرحلة المقبلة زيارات ميدانية مفاجئة، وربما يتم اختراع جهاز يقيس نسبة الدهان في الهواء!
في النهاية، قد نظن أن القصة انتهت، لكنها فقط أخذت استراحة. فحين تتحول البنوك إلى متاجر قروض، والزبناء إلى مقاولين مزيفين، والمسؤولون إلى متواطئين أنيقين، نكون قد دخلنا زمن “الاحتيال المؤسساتي”… بأسلوب احترافي.
فمن يدفع الثمن؟ البنك؟ الزبون؟ أم المواطن البسيط الذي يرى صور الشقق الفاخرة في الإشهارات، بينما يسكن هو في طابو مشقوق ويؤدي الضرائب؟
الجواب: كلنا سندفع… فقط كلٌ حسب أقساطه.
وتبقى الجملة الخالدة: “راه كلشي موّلو البنك، حتى العجز فالمصداقية.”