دفاتر قضائية

قضية تسريب وثائق قضائية تُشعل جدلاً في المغرب وتحرك الفرقة الوطنية

ضربة قلم

أمر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط بفتح بحث قضائي دقيق وموسع على خلفية الأنباء المتداولة بشأن الاختراق المحتمل للموقع الإلكتروني للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وما رافق ذلك من تسريب وثيقتين إداريتين يُنسب صدورهما للمجلس المذكور، وهو ما أثار جدلاً واسعًا وردود فعل متعددة على منصات التواصل الاجتماعي وفي الأوساط القانونية والإعلامية. ويأتي هذا القرار القضائي في ظل ما تم تداوله مؤخرًا من معطيات تشير إلى خرق أمني للموقع الإلكتروني للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والذي يُعد من أهم المؤسسات الدستورية في المغرب، المكلفة بالسهر على استقلال القضاء وضمان السير العادي لمؤسسات العدالة. وتُظهر الوثيقتان المسربتان، حسب ما تم تداوله، مضامين إدارية ذات طابع سري أو خاص، ما يطرح تساؤلات جدية حول سلامة الأنظمة المعلوماتية المعتمدة في تدبير الشؤون الإدارية للمجلس. وذكرت المصادر أن البحث القضائي الذي أمر به الوكيل العام للملك يهدف إلى التحقق من صحة هذه المعطيات، واستجلاء ما إذا كان هناك فعلًا اختراق فعلي للموقع الإلكتروني أو أن الأمر يتعلق بتسريب داخلي أو مفتعل، كما يسعى إلى تحديد المسؤوليات الجنائية المحتملة سواء تعلق الأمر بجريمة إلكترونية، إفشاء السر المهني، أو تزوير مستندات رسمية. وقد عهدت النيابة العامة بإنجاز هذا البحث إلى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وهي الجهة الأمنية المتخصصة والمعروفة بكفاءتها في معالجة الملفات المعقدة، لاسيما تلك المرتبطة بالجريمة السيبرانية، والجرائم الماسة بأمن الدولة، والاعتداء على المعطيات ذات الطابع الحساس. ويُرتقب أن تشمل التحقيقات مختلف الجوانب التقنية والجنائية، بما في ذلك تحليل البنية الرقمية للموقع الرسمي للمجلس، وتتبع آثار أي اختراق محتمل، فضلاً عن الاستماع إلى عدد من الموظفين والكوادر التقنية والإدارية، قصد تحديد ما إذا كانت هناك خروقات من داخل المؤسسة أو بفعل جهات خارجية.

وفي سياق متصل، عبّرت جهات حقوقية وإعلامية عن قلقها من تداعيات هذه الواقعة، معتبرة أنها تمس بهيبة مؤسسة دستورية عليا وتطرح إشكالات مرتبطة بأمن المعلومات داخل الأجهزة العمومية. كما دعت إلى ضرورة تعزيز الحماية السيبرانية للأنظمة الإلكترونية للهيئات الرسمية، وإلى فتح نقاش وطني حول سبل تأمين البنية الرقمية للمؤسسات الدستورية في المغرب.

من جهته، لم يصدر المجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى حدود الساعة أي بلاغ رسمي يؤكد أو ينفي ما تم تداوله من معطيات، مكتفياً – بحسب بعض المصادر – باتخاذ تدابير داخلية عاجلة لحصر آثار التسريب والتحقق من مصدره، مع الإشارة إلى أن المجلس لطالما أكد في مناسبات سابقة التزامه بالشفافية والصرامة في تدبير شؤونه الإدارية.

وتجدر الإشارة إلى أن القانون الجنائي المغربي يعاقب بشدة على الأفعال المرتبطة بالاختراق المعلوماتي، وكذا على تسريب الوثائق الرسمية المصنفة ضمن المعطيات السرية أو المحمية بموجب القانون، ما يرجّح متابعة المتورطين المحتملين بعقوبات زجرية ثقيلة في حال ثبوت التهم.

وتبقى الأنظار متجهة نحو نتائج التحقيق القضائي المرتقب، والتي قد تكشف خيوط قضية معقدة تمس الثقة في سلامة تدبير المعلومة داخل مؤسسة يفترض أن تكون نموذجًا في حماية المعطيات وضمان احترام القانون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.