“لا للحكرة والإقصاء والتهميش”: صرخة متقاعدي المغرب أمام البرلمان

ضربة قلم
شهدت العاصمة الرباط اليوم السبت مشهداً احتجاجياً لافتاً حين احتشد عشرات المتقاعدين المغاربة أمام مبنى البرلمان، حاملين لافتات ومرددين شعارات قوية مثل: “لا للحكرة والإقصاء والتهميش”، تعبيراً عن غضبهم العارم من السياسات الحكومية التي وصفوها بـ”سياسة الآذان الصماء” تجاه أوضاعهم المعيشية ومطالبهم الاجتماعية.
الوقفة الاحتجاجية التي دعت إليها الشبكة المغربية لهيئات المتقاعدين، جمعت أطيافاً متعددة من المتقاعدين، خاصة من القطاعات الحيوية كالتعليم، والذين يعانون في صمت من أوضاع وصفوها بالمزرية. هؤلاء المتقاعدون لم يأتوا فقط ليطالبوا برفع المعاشات، بل ليُسمعوا صوتهم بعد سنوات من تجاهل مطالبهم في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وتدهور القدرة الشرائية.
معاناة مستمرة وظروف معيشية خانقة
المحتجون تحدثوا بمرارة عن التدهور المستمر في أوضاعهم، في ظل تصاعد أسعار المواد الغذائية والخدمات الأساسية، دون أن تراعي الحكومة واقعهم كمواطنين أفنوا زهرة أعمارهم في خدمة وطنهم، ليجدوا أنفسهم في أرذل العمر يكابدون الفقر والحاجة.
“لا يكفي المعاش حتى لتغطية مصاريف الأدوية”، قال أحد المتقاعدين الحاضرين، مضيفاً: “كيف لحكومة تحترم نفسها أن تترك أبناءها الذين خدموا البلاد لعقود يكافحون من أجل البقاء؟”.
وما زاد الطين بلة، بحسب شهادات كثيرة خلال الوقفة، هو تدهور الخدمات الصحية العمومية وغلاء الرعاية الخاصة، مما يجعل حتى الحصول على العلاج أمراً شاقاً لمتقاعد يعيش بمعاش هزيل لا يوازي لا جهده السابق ولا حاجاته الحالية.
غضب متقاعدي التعليم: “الإقصاء من خارج السلم” ورفض رفع سن التقاعد
لفت الأنظار أيضاً الانضمام القوي لمتقاعدي قطاع التعليم تحت لواء “التنسيق النقابي لضحايا الإقصاء من الأثر الإداري والمالي لخارج السلم”. هؤلاء رفعوا صوتهم عالياً ضد ما يعتبرونه حيفاً طالهم بعد استثنائهم من استفادة عادلة من الترقية خارج السلم، رغم سنوات الخدمة والتضحيات.
ورفض متقاعدو التعليم رفع سن التقاعد، معتبرين أن الحكومة تسعى لمعالجة أزمة صناديق التقاعد على حساب صحة وأعمار الموظفين، بدلاً من إصلاحات حقيقية تشمل تحسين الأجور وضمان معاشات كريمة.
“كيف يُعقل أن نُجبر على العمل سنوات إضافية ونحن نرى زملاءنا يتساقطون بسبب الأمراض والإنهاك؟”، تساءل أحد الأساتذة المتقاعدين، مشدداً على أن رفع سن التقاعد هو بمثابة “عقوبة إضافية” لمربيي الأجيال.
سياسة الصمت الحكومي: تجاهل أم عجز؟
المتقاعدون لم يخفوا استياءهم من تجاهل الحكومة لمطالبهم العادلة، حيث وصفوا تعامل السلطات بـ”سياسة الآذان الصماء”، متسائلين عن جدوى الحوارات الاجتماعية التي تنتهي غالباً بوعود شفوية لا تترجم إلى قرارات ملموسة.
في نظر العديد من المتتبعين، فإن أزمة المتقاعدين هي مؤشر على أزمة أعمق في السياسات الاجتماعية للدولة، التي باتت عاجزة عن الاستجابة للفئات الأكثر هشاشة. والأخطر من ذلك أن الإحباط المتزايد في صفوف هذه الشريحة قد يولد أزمات اجتماعية أوسع إذا لم تبادر الحكومة إلى فتح حوار حقيقي وجاد معهم.
رسائل الوقفة: إنذار مبكر
الوقفة الاحتجاجية أمام البرلمان لم تكن مجرد وقفة مطلبية بل كانت، وفق العديد من المراقبين، بمثابة إنذار مبكر للحكومة بأن صبر المتقاعدين بدأ ينفد، وأن استمرار تجاهل ملفاتهم قد يقود إلى تصعيد أكبر خلال المرحلة القادمة.
وقد اختتم المتقاعدون وقفتهم برفع عدة رسائل موجهة إلى الحكومة والبرلمان، داعين إلى:
- مراجعة فورية وعادلة لنظام المعاشات بما يضمن العيش الكريم للمتقاعدين.
- تسوية وضعية المتضررين من الإقصاء من خارج السلم خاصة في قطاع التعليم.
- وقف السياسات التي تستهدف رفع سن التقاعد دون توفير بدائل تضمن الكرامة.
- تحسين الخدمات الصحية والاجتماعية الموجهة لهذه الفئة.
Awesome https://urlr.me/zH3wE5