سياسة

لشكر… الزعيم الأبدي الذي لا يتقاعد! حزب الوردة يتحول إلى أصيص بلاستيكي في حديقة زعيم لا يذبل

ضربة قلم

يبدو أن إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، قد قرر أن يخلّد اسمه لا فقط في دفاتر الحزب، بل في موسوعة “غينيس” كأطول زعامة حزبية قابلة للتمديد اليدوي واللفظي والتشريعي. الرجل، الذي صار مرادفًا للكرسي أكثر من الكرسي نفسه، يستعد على ما يبدو لولاية رابعة، في حزب يُفترض أنه اشتراكي وتقدمي وحداثي وديمقراطي، لكنه أصبح في الواقع أقرب إلى ضيعة خاصة بزيتون واحد لا يُعصر إلا لصالح الزعيم.

التحضيرات للمؤتمر الوطني المقبل تجري كما في وصفات الطاجين المغربي الأصيل: نار هادئة، توابل حزبية، ورغبة واضحة في أن تكون الوجبة السياسية جاهزة حسب ذوق الطباخ الأول، إدريس لشكر، ومن معه من ذواقة الولاء الأبدي. أما القوانين الداخلية للحزب؟ فهي كالشوكة في طبق الكسكس، مزعجة إن لم يتم تعديلها بلُقمة دسمة من المصلحة المشتركة.

البرلماني السابق شقران أمام، الذي لا يزال يحمل ما تبقى من ذاكرة الحزب وأوهام التغيير، خرج بتدوينة يشتمّ منها رائحة الخوف من تحوّل الاتحاد الاشتراكي إلى جمعية للأنشطة المحفوظة باسم لشكر. حسب شقران، هناك نوايا واضحة لتعديل القانون الأساسي للحزب، ليصبح الزعيم مؤبّدًا دستورًا لا انتخابًا، وربما يُمنح في المستقبل وسام “الكاتب الأول مدى الحياة… وما بعدها”.

شقران، الذي خاض تجربة الترشيح ضد لشكر من قبل – في نزال أشبه بمصارعة في قاعة فارغة – يبدو أنه لم يفقد الأمل بعد، ويصر على أن ما يحصل داخل الحزب يشبه خنقًا بربطة عنق حمراء، حيث يتمسك الزعيم بعنق الحزب كما يتمسك الأطفال بآخر قطعة شوكولاتة في العيد.

وبينما يتغنّى البعض بـ”الاستقرار” الذي يمنحه لشكر للحزب، يرى آخرون أن الاتحاد الاشتراكي لم يعد سوى “أصل تجاري” يُحافظ عليه لا من أجل قيمه النضالية، بل لأجل رائحته التاريخية التي تفتح أبواب الوزارات أكثر من رائحة الكفاءات.

ووسط هذا الكرنفال الداخلي، تلوح في الأفق صفقة مشبوهة، تُروى في صالونات السياسة كأنها قصة بوليسية على شاكلة “من سرق ملتمس الرقابة؟”. الحكاية تقول إن لشكر قد يكون باع موقف المعارضة في لحظة فارقة مقابل 12 مقعدًا برلمانيًا، يحصل عليها بدعم من أخنوش في الانتخابات المقبلة، دون أن نعرف هل سيُسلمها له بالبريد المضمون، أم سيُزرع مرشحوه كما تُزرع أشجار الزيتون في الأراضي الجافة.

باختصار، يبدو أن الوردة قد ذبلت، لكن الجذور باقية… في يد واحدة. الحزب الذي كان صوت الكادحين تحول إلى مهرجان انتخابي موسمي، عنوانه “الزعيم أولًا… والآخرون من بعده”. فهنيئًا لنا بزعماء لا يشيبون، وأحزاب لا تتغير، وقوانين لا تُعدّل إلا عند الحاجة إلى ولايات جديدة، ولو تطلب الأمر تعديل الجاذبية الأرضية نفسها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.