رياضة

لولا الفيفا والمحكمة الرياضية.. لنهبت الأندية العربية اللاعبين بلا حسيب ولا رقيب!

ضربة قلم

تصوروا لو لم تكن المحكمة الدولية الرياضية في كرة القدم (TAS) موجودة، ولم يكن هناك أي عقوبات صارمة مثل منع الانتدابات في حالات عدم الوفاء بالعقود والالتزامات المالية! كيف سيكون شكل كرة القدم؟ كيف ستُدار الأندية؟ ومن سيكون الأكثر تضررًا؟

لو لم تكن هناك جهة قضائية رياضية عليا تحكم بين الأندية واللاعبين، لكانت الفوضى هي العنوان الأبرز، خاصة في العديد من الدول التي لا تُعرف بدقة التسيير الرياضي ولا بالالتزام بالمواعيد المالية، بل تعتمد على حلول ترقيعية، ووعد بلا وفاء، وتسويف بلا نتائج. حينها، سيكون بإمكان أي نادٍ التعاقد مع المدربين واللاعبين ثم التهرب من دفع مستحقاتهم، متسلحًا بالبيروقراطية أو نفوذ مسؤوليه، وسنجد اللاعبين يقعون في دوامة من الانتظار، دون أي سند قانوني يضمن لهم حقوقهم، فيما الأندية تواصل انتداباتها دون رادع.

في ظل غياب المحكمة الرياضية الدولية، كنا سنجد اللاعبين الأجانب والمغتربين والمحليين في الأندية العربية يواجهون صعوبات جمّة في استرجاع مستحقاتهم، وربما يضطرون إلى مغادرة الفرق دون الحصول على رواتبهم، وهو ما كان سيؤثر على سمعة الدوريات المحلية عالميًا. كذلك، فإن بعض الأندية العربية المعروفة بسوء إدارتها المالية كانت ستتعاقد مع نجوم عالميين لمجرد الاستعراض، ثم تتنصل من التزاماتها، مما سيخلق سوقًا رياضية غير مستقرة وغير موثوقة.

أما في الجانب الإداري، فكانت الفوضى ستصل إلى مستويات غير مسبوقة، حيث ستتراكم النزاعات بين اللاعبين والأندية دون حل، وستصبح الانتقالات مجرد مسألة عرض وطلب دون ضمانات حقيقية، وسيكون اللاعب الحلقة الأضعف دائمًا، فيما الإدارات تواصل استغلال القوانين الهشة لصالحها. ومن جهة أخرى، كان وكلاء اللاعبين سيجدون أنفسهم أمام مأزق كبير، إذ كيف يمكنهم ضمان حقوق موكليهم في بيئة يغيب فيها أي رادع قانوني؟

الأندية العربية، تحديدًا، كانت ستكون الأكثر استغلالًا لهذه الثغرة، نظرًا لأن كثيرًا منها لا يتعامل مع كرة القدم كصناعة قائمة على الاحترافية والاستدامة المالية، بل كمجرد وسيلة لفرض الهيمنة الإعلامية وشراء الولاءات الجماهيرية. فتجد أن بعض الأندية تُغدق الأموال في صفقات كبيرة، دون أن تملك القدرة الحقيقية على الوفاء بها، وحين يحين موعد السداد، تبدأ المماطلة والتسويف، ولولا المحكمة الرياضية لكان الوضع أسوأ بكثير مما هو عليه الآن.

لكن بفضل وجود محكمة التحكيم الرياضي، وبفضل قوانين الفيفا التي تفرض العقوبات مثل منع الانتدابات، أصبحت الأندية ملزمة بحساب خطواتها، وأصبح اللاعبون لديهم جهة رسمية يلجؤون إليها لاستعادة حقوقهم. فهذه الإجراءات، وإن بدت قاسية، إلا أنها ضرورية للحفاظ على الحد الأدنى من العدالة في كرة القدم، ومنع الأندية من التلاعب بمصائر اللاعبين كما يحلو لها.

لذلك، يمكننا القول إنه لولا هذه المحكمة ولولا نظام العقوبات، لكانت بعض الأندية العربية من أكثر المستفيدين، حيث تأكل الغلة وتلعن الملة، تستقطب اللاعبين ثم تتجاهل مستحقاتهم، وحين يطالبون بحقوقهم تتهمهم بالجحود وعدم الوفاء! لكن في نهاية المطاف، العدالة الكروية تحتم وجود قوانين حازمة، حتى لا تصبح كرة القدم مجرد سوق فوضوي تُباع فيه الأوهام أكثر من العقود الحقيقية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.