مباراة المغرب–الأرجنتين: الفوز على صغار ميسي حلم شعب برمته

ضربة قلم
غدًا، عند منتصف الليل بتوقيت المغرب، سيعيش ملايين المغاربة موعدًا خاصًا مع الفخر، حيث يواجه المنتخب الوطني لأقل من عشرين سنة نظيره الأرجنتيني في نهائيٍ تاريخيٍّ يُعيد لنا ما افتقدناه طويلًا: الإحساس الجميل بالانتماء والفرح الجماعي.
ليست مجرد مباراة كرة قدم، بل لحظة نادرة يتوحّد فيها الوطن خلف حلمٍ نظيف، قادمٍ من أقدام شبابٍ آمنوا بأن المستحيل ليس مغربيًا.
حين يلتقي شباب المغرب بنظرائهم من الأرجنتين، لا تكون المباراة مجرد تسعين دقيقة من كرة القدم، بل امتحانًا لروح وطنٍ بأكمله. إنها لحظة تختصر الحلم المغربي في أقدام صغار يرتدون القميص الأحمر والأخضر، يحملون على أكتافهم طموح جيلٍ يريد أن يقول للعالم: نحن هنا، من قارة إفريقيا، من بلد اسمه المغرب.
الأرجنتين، بلد ميسي، تحضر بثقل تاريخها الكروي وبريق نجومها. أما المغرب، فيدخل المباراة بأمل لا يُقاس بالخبرة، بل بالإصرار. فهؤلاء “صغار الأسود” ليسوا مجرد لاعبين؛ هم أبناء شوارع وحواري تعلموا الكرة على الإسفلت قبل أن يتذوقوا عشب الملاعب الدولية.
كل تمريرة مغربية ستكون رسالة، وكل تسديدة محاولة لكتابة سطر جديد في تاريخ الكرة الوطنية. الجماهير تنتظر، القلوب معلقة، والعيون تترقب بشغف صافرة البداية. ففي زمن يضيق فيه الأمل، تصبح كرة القدم مساحةً صغيرة نحلم فيها جميعًا، وننسى اختلافاتنا، ونلتقي خلف شعار واحد: ديما مغرب.
الفوز على “صغار ميسي” لن يكون مجرد انتصار رياضي؛ سيكون انتصارًا للكرامة، لثقة الجيل الجديد بنفسه، ولحلمٍ ظلّ يراود كل مغربي يرى في منتخب الشباب امتدادًا لملحمة قطر 2022.
فرح المقاومة
في بلدٍ صارت فيه الابتسامة عملة نادرة، يتحول الفوز في مباراة إلى فعل مقاومة.
المغربي حين يفرح، يفرح بكل ما فيه، ينسى الجرح، ينادي باسم الوطن، ويجعل من الانتصار لحظة جماعية تُعيد شيئًا من التوازن بين القسوة والحلم.
غدًا، حين يُرفع العلم المغربي في ملعبٍ بعيد، سيرفعه معه كل من تعب ولم يستسلم، كل من قاوم الغلاء والخذلان واليأس.
كرة تُخفّف وجع الواقع
سيجلس المغاربة غدًا أمام الشاشات في المقاهي والمنازل، وبين أيديهم قهوة مُرة وقلوبهم مملوءة بالحلم.
العامل الذي أنهكه التعب، والموظف الذي ضاقت عليه المعيشة، والطالب الذي يقاوم يومه بين النقل والمصاريف، كلهم سيجدون في تلك التسعين دقيقة مساحةً صغيرة للنسيان.
هي مباراة تُلعب على العشب، لكنها أيضًا تُلعب في القلوب.
دراري الحومة يصنعون الحلم
المنتخب المغربي الشاب صار صورةً صادقة لأولاد الشعب الذين خرجوا من الأزقة الضيقة والحلم الكبير في جيوبهم الصغيرة.
لم يصلوا إلى النهائي بترف الفنادق، بل بعرقهم، بعنادهم، وبروح لا تعرف الاستسلام.
كل تمريرة منهم تحمل رسالة لكل من يعتقد أن النجاح حكرٌ على الميسورين:
“الفرصة لا تُشترى، بل تُنتزع بالعزيمة”.
نَفَس للوطن
غدًا لن تكون مجرد مباراة بين المغرب والأرجنتين، بل مواجهة بين اليأس والأمل.
كل هدف مغربي سيكون ردًا رمزيًا على كل وجعٍ عالق في صدور الناس، وكل تصدٍّ سيكون إعلانًا بأننا، رغم كل شيء، ما زلنا هنا.
وغدًا، حين تنتهي المباراة، لن تكون فقط نهاية تسعين دقيقة، بل بداية فرحةٍ وطنيةٍ تُعيد ترتيب نبض المغاربة.
سيصرخ الناس من أعماق قلوبهم، ستتلاقى الدموع بالضحك في الوجوه المتعبة، وسيتحوّل الليل إلى عرسٍ شعبيٍّ بلا ترتيب ولا بروتوكول.
سيفرح الفقير في الزنقة، والعامل في المقهى، والأم في المطبخ، والطالب في الإقامة.
كلهم سيقولون: ها هم ولاد بلادنا… رفعوا الراس وخلاو الفخر يعمّ الحومة والبلاد كلها.
وحين تشرق شمس اليوم التالي، ستبقى في القلوب قبسة ضوء تقول:
“ما زال فالمغرب رجال ودراري كيعرفو يشرفو بلادهم… وما زال الأمل كيقدر ينتصر، حتى وسط الغبار.”




