مديونة تُعلن الحرب على الكفتة الخارجة عن القانون!

ضربة قلم
في مشهد يكاد ينافس أفلام الأكشن الرديئة التي تُعرض منتصف الليل على قنوات لا يشاهدها أحد، تمكنت السلطة المحلية بمدينة مديونة من إحباط محاولة تسويق لحوم حمراء لا علاقة لها لا بالصحة ولا بالحيوانات السليمة، وربما أقرب ما تكون إلى فيلم رعب بيطري من الدرجة الثالثة. العملية جرت وكأنها مداهمة لعصابة دولية، بقيادة القائد المغوار للملحقة الإدارية الأولى، الذي يبدو أنه لم يأتِ إلى مديونة لاحتساء الشاي وتبادل المجاملات، بل جاء وهو يحمل على عاتقه مهمة : مطاردة الكفتة المشبوهة.
فالشاحنة، تلك المسكينة التي لم تكن تدري ما ينتظرها، كانت محمّلة بثلاثة أطنان و700 كيلوغرام من اللحوم التي تقرأ عنها في الأخبار، لكنك لا تريد أن تراها في طبقك. لحوم لا وثائق لها، لا شهادة صحية، لا هوية، ولا حتى رائحة تطمئن. باختصار، لحوم خارجة عن القانون بكل ما تحمله الكلمة من معنى. وهكذا تم توقيف الشاحنة أمام محل للجزارة، كأنها كانت على وشك ارتكاب جريمة أخرى، وبدأ التحقيق الذي لا يقلّ درامية عن تحقيقات الشرطة العلمية، لكشف مصدر هذه اللحوم، وكيف تم تخزينها ونقلها وكأنها تهريب آثار وليس مجرد لحم.
وبعد كشف خيوط الجريمة، تم تنفيذ العقاب الذي طالما راود خيال دعاة السلامة الغذائية: حرق وطمر اللحوم، في طقس يبدو أقرب إلى طقوس التطهير منه إلى مجرد إجراء قانوني. ولأننا نعيش في بلاد القوانين المكتوبة بخط صغير، تم تحرير محضر رسمي، وكأن اللحوم كانت تستعد لتوكيل محامٍ لتبرئة نفسها.
طبعا، كل هذا يندرج في إطار “الحرص الشديد” على صحة المواطنين، وكأن السلطة كانت فقط تنتظر اللحظة المناسبة لتُري الجميع أنها على قدر من اليقظة لا يقل عن يقظة سوبرمان وهو يسمع صراخ مواطن في ورزازات.
هكذا إذًا، تواصل مديونة معركتها البطولية ضد اللحوم المشكوك فيها، ومع كل طن يُحرق أو يُطمر، نشعر كأننا اقتربنا خطوة أخرى من مدينة فاضلة… خالية من الشواء المشبوه والكباب الغامض.




