مجتمع

مراجعة جذرية في قانون الشيكات بالمغرب بعد سنة من العفو الاستثنائي

ضربة قلم

بعد مرور عام على دخول قانون العفو الخاص بمُصدري الشيكات بدون رصيد حيز التنفيذ في 2024، تتجه السياسة الجنائية في المغرب نحو مقاربة أكثر توازناً بين حماية الثقة في المعاملات المالية وتخفيف الطابع الزجري الذي كان يطغى على قضايا الشيكات المرتجعة. وقد منح هذا العفو الاستثنائي فرصة للمخالفين لتسوية أوضاعهم القانونية، من خلال أداء مساهمة إعفائية لا تتجاوز 1.5% من مبلغ الشيكات غير المؤداة المقدمة حتى متم سنة 2023، وذلك في حدود 10.000 درهم للأشخاص الذاتيين و50.000 درهم للأشخاص المعنويين. وقد حُدد آخر أجل للاستفادة من هذه التسوية في 31 دجنبر 2024، ما جعل السنة الماضية محطة فاصلة في التعامل مع واحدة من أعقد الظواهر المرتبطة بالحياة الاقتصادية.

المعطيات الصادرة عن بنك المغرب كشفت أن عدد الأشخاص الممنوعين من إصدار الشيكات بلغ 701 ألفًا، 85% منهم أفراد، بينما تجاوز عدد الشيكات المرفوضة 802 ألف شيك، بنسبة رفض بلغت 3.2%، بانخفاض طفيف عن سنة 2022 التي سجلت 3.3%. وأظهرت البيانات أن السبب الأول لرفض الشيكات هو غياب أو نقص المؤونة بنسبة 57.5%. كما أن 82% من مبالغ الشيكات المرتجعة تتراوح قيمتها بين 1.000 و50.000 درهم، فيما تراوحت 37% منها بين 10.000 و50.000 درهم، ما يبرز الطبيعة المتوسطة للغالبية الساحقة من هذه المعاملات، رغم تبعاتها القضائية الكبيرة في السابق.

وفي خطوة مكمّلة لقانون العفو، كشفت وزارة العدل، نهاية أبريل الجاري، عن اقتراب المصادقة على مشروع قانون جديد يُحدث تحولًا جذريًا في المنظومة القانونية المنظمة للشيك، من أبرز مقتضياته إلغاء تجريم الشيك بدون مؤونة في حالة إصداره داخل العلاقة الزوجية، بحيث لا يُمكن تقديم شكاية جنائية في هذا السياق، بل يُلجأ فقط إلى المساطر المدنية لاسترجاع الحق، ما يُجنب الأزواج مزيدًا من التعقيدات القانونية في خلافاتهم المالية.

كما ينص المشروع على سقوط المتابعة بشكل نهائي في حال أداء مبلغ الشيك، سواء من طرف المعتقلين أو الفارين من العدالة، مع الإفراج الفوري أو إلغاء مذكرات البحث عند التسوية. وحرصًا على تحقيق التوازن بين حق المتضرر وضمانات المحاكمة العادلة، يُمنح المشتكى به مهلة قانونية مدتها شهر لتسوية الوضعية، ترافقها إجراءات رقابية مثل تركيب السوار الإلكتروني لتفادي الفرار، ويمكن تمديد المهلة بشهر إضافي بناءً على طلب المشتكي. كما يُناقش مقترح يستبعد اللجوء إلى الاعتقال في الشيكات التي تقل قيمتها عن 20.000 درهم، في خطوة تستهدف تخفيف الضغط على السجون والمحاكم، دون المساس بجوهر الحماية القانونية للمعاملات المالية.

وتأتي هذه التعديلات في سياق سعي المغرب إلى تحديث ترسانته القانونية المرتبطة بالمعاملات البنكية والمالية، بشكل يراعي التحولات الاقتصادية والاجتماعية، ويُعيد الاعتبار للشيك كوسيلة أداء موثوقة، دون أن يُستخدم كأداة للزج بالمواطنين في السجون عند أول تعثر.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.