دفاتر قضائية

مرافعة البريء المظلوم في ملف “إسكوبار الصحراء”: قصة “جمال. م” و6 مليارات دينار جزائري سقطت من السماء!

ضربة قلم

في مشهد أقرب إلى دراما المحاكم الأميركية، وقف “جمال. م”، المغربي ذو الأصول الجزائرية، أمام هيئة المحكمة وهو يحاول إقناع الجميع أن الأموال التي هبطت عليه كالمطر، والعقارات التي جمعها بسرعة البرق، والسيارات الفاخرة التي تزاحم بعضها البعض في المرأب، كلها ليست سوى هدايا الوالد الكريم المقيم في وهران. نعم، والد حنون بدرجة بنك مركزي، قرر أن يرسل لابنه الصغير 6 مليارات دينار جزائري، وكأننا في حكاية خيالية من زمن ألف ليلة وليلة، فقط بدون مصباح علاء الدين.

جلسة اليوم الجمعة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء كانت مشتعلة، ليس فقط بسبب حجم الملف، بل لأن المتهم بدا وكأنه في ندوة تدريبية حول “كيف تبرر امتلاك الملايين بدون سبب واضح؟”. “جمال” نفى بشراسة كل التهم الموجهة إليه، وكأنه لاعب شطرنج محترف يواجه ملكه المحاصر. محاضر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية؟ مجرد “كلام فارغ”. تفريغ المكالمات الهاتفية التي تفضح خيوط القضية؟ “تشابه أرقام لا غير!”. كل الأدلة التي أمامه لم تكن كافية ليقتنع أنه متورط في ملف “إسكوبار الصحراء”، بل رأى نفسه ضحية لسوء فهم بحجم 6 مليارات دينار!

لكن القاضي علي الطرشي لم يكن سهل الإقناع، فقد حاصر المتهم بأسئلة لم تترك له سوى أن يعترف أنه تلقى تلك المبالغ من والده، ولكن بدون المرور عبر مكتب الصرف، وكأن والده لديه خدمة تحويل مالي سري تنافس “ويسترن يونيون”. المصيبة ليست هنا، بل في الكيفية التي أدخل بها الأموال إلى المغرب، حيث ادّعى أنها وصلت عبر أقاربه “شوية بشوية”، ربما في حقائب السفر أو عبر رسائل حب مكتوبة بالحبر السري.

وهنا بدأت النيابة العامة تحاصره أكثر، فقد ظهر أن الرجل لا يملك فقط حسابًا مليئًا بالملايين، بل لديه شقة بثمن يفوق 170 مليون سنتيم، وسيارات بقيمة 100 مليون سنتيم، وحياة فاخرة قد تجعل السياسيين في الحكومة المغربية يشعرون بالغيرة. كيف حصل على كل هذا في ظرف سنتين فقط؟ الجواب بسيط عند “جمال”: بيع وشراء السيارات! نعم، هذا المجال الذي جعل من ميكانيكي بسيط في وجدة يعيش حياة الأمراء، دون الحاجة إلى تهريب المخدرات أو حتى العمل في وظيفة تقليدية.

لكن السؤال المحير لم يكن عن ثروته فقط، بل عن علاقته بـ”عبد القادر الجزائري”، الاسم الذي يبدو وكأنه خرج من فيلم أكشن دولي. “مجرد صداقة”، قال المتهم بكل ثقة، وكأن كل أصدقاء المرء في هذه الأيام هم شخصيات مطاردة دوليًا بتهم تهريب المخدرات.

ومع ذلك، المفاجأة الحقيقية جاءت عندما تم ضبط طائرة مسيرة “درون” في حوزته. وهنا تحول “جمال” إلى خبير في ألعاب الأطفال، مؤكدًا أنها ليست سوى لعبة بريئة للترفيه عن الصغار، وليست أداة متطورة لتهريب المخدرات عبر الحدود المغربية الجزائرية. بل زاد على ذلك وطلب خبرة تقنية عليها، ربما ليثبت أنها لا تطير أو أنها مجرد مجسم بلاستيكي لا يصلح إلا للزينة.

وفي النهاية، وبعد هذا الأداء الدرامي الذي قد يستحق ترشيحًا لجائزة الأوسكار، قررت المحكمة تأجيل الجلسة إلى الجمعة المقبلة، ليتابع الجميع هذا المسلسل الذي يبدو أنه سيكون أطول من “وادي الذئاب”، لكن بنكهة مغربية جزائرية، وبأبطال من صنف جديد: مهربون يحاولون إثبات براءتهم بنفس مهارة المحامين!

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

أنت تستخدم اضافة Adblocks يجب تعطيلها.