مراكش: دركي وفتاة ومفاتيح الهلوسة: حين تتحول النية الحسنة إلى تهمة اختطاف!

ضربة قلم
في مراكش، حيث العجائب تُصنَع بلا سحر، وقع ما لم يكن في الحسبان: دركي، نعم دركي بزيٍّ مدني ونيّةٍ – بحسبه – إنسانية صافية كالثلج، يجد نفسه فجأة وسط قضية اختطاف، لا بلباسه الرسمي ولا في سيارة الدولة، بل في عربته الخاصة، وعلى مرمى صراخ فتاة قالت ما قالت ثم… قالت عكسه.
الحكاية بدأت على طريقة أفلام الدرجة الثالثة: فتاة تركب السيارة برضاها، ثم فجأة تقرر أنها في “مشهد اختطاف”، تنتزع المفاتيح، وتطلق العنان لصوتها، كما لو أنها أمام جمهور مهرجان كناوة، فتتدخل الشرطة التي، ويا للمفارقة، توقف دركيًّا! دركيًّا يتوسل تفسيرًا لِما يجري، ويقسم أن الحسنة التي أراد بها وجه الله تحولت إلى ورطة بوليسية بطعم الكوميديا السوداء.
“أنا فقط أقلتها بطلب منها”، هكذا قال الرجل وهو يحاول جمع ما تناثر من كرامته، قبل أن تضيف الوقائع طبقة أخرى من العبث: محاضر، استماع، استنطاق، وبالطبع سراح مؤقت للجميع. ما دام المشهد يميل إلى السريالية، فلا أحد في السجن، لا الدركي ولا “الضحية”. أما الحقيقة؟ فآخر من يُسأل عنها في مثل هذه القضايا.
المثير أن الفتاة نفسها، بعد جولة قصيرة في رحاب التفكير – أو ربما بعد مكالمة طويلة في رحاب التعليمات – قررت أن تعود عن أقوالها، وأن تُعيد للدركي اسمه، وللسيارة مفاتيحها، وللواقعة طابعها الهزلي الخالص، ليتقرر حفظ القضية، وكأن شيئًا لم يكن، وكأن الأمر كله مجرد زوبعة في فنجان من الوهم.
هكذا تنتهي القصة: لا دموع، لا سجن، لا تفسير، لا شيء. مجرد واقعة مغربية بامتياز، تُضاف إلى أرشيف الأحداث التي تبدأ بالصرخة وتنتهي بالابتسامة الصفراء، حيث يُتّهم الناس ثم يُبرّؤون كأننا في برنامج كاميرا خفية لا يضحك فيه أحد.




