مرسوم جديد يُراقص “التروتينيت”: الحكومة تُهدي المغاربة تعريفات تقنية جديدة بدلًا من تخفيف زحمة السير!

ضربة قلم
في اجتماع مهيب لمجلس الحكومة يوم الخميس 19 يونيو 2025، صادق الوزراء – بكل وقار – على مشروع مرسوم رقم 2.24.393، الذي جاء لتعديل وتتميم المرسوم 2.10.421 الصادر منذ سنة 2010، والمتعلق بمدونة السير على الطرق. وقد تكفّل عبد الصمد قيوح، وزير النقل واللوجيستيك، بتقديم المشروع، بعد أن تم “أخذ الملاحظات بعين الاعتبار” – وهي عبارة نُجهل إن كانت تشير إلى ملاحظات المواطنين أم ملاحظات خبراء عاشقين للتروتينيت.
وإذا كنت تظن أن الحكومة اجتمعت لتقنين أسعار المحروقات، أو لحل معضلة الرادارات التي تطلق “الفلاشات” في كل الاتجاهات، فأنت حالم! الاجتماع كان بمثابة عرس تشريعي لتقنين وسائل تنقل مستقبلية – و”فوتوريستية” – من قبيل “مركبات التنقل الشخصي بمحرك” و”الدراجات بدون مساعد”. نعم، بدون مساعد، وكأننا بصدد توظيف خريجي الجامعات.
المشروع الحكومي، وكما جاء في بلاغ رئاسة الحكومة (الذي كتب بلغة تُحاكي إعلانات الروبوتات)، يأتي تجاوبًا مع “ظهور وسائل تنقل جديدة” و”اعتماد أنظمة المساعدة على السياقة المتقدمة”، ما يُفهم منه أن الحكومة قررت أخيرًا الاعتراف بوجود الكائن الغريب الذي يسمى “تروتينيت”، والذي يصول ويجول في شوارع المدن المغربية دون حزام ولا خوذة ولا تأمين ولا هم يحزنون.
ومن مستجدات المرسوم، تعريف دقيق للدراجة ذات “الدوس المساعد”، التي هي حسب النص، دراجة كهربائية تنطفئ فيها الكهرباء حين يتوقف السائق عن الدوس، أو حين يقرر القدر أن سرعة 25 كلم/س هي نهاية الحلم.
أما نجمة المشروع فهي الـ”تروتينيت”: مركبة بمحرك، بلا مقعد، مصممة لنقل شخص واحد فقط – وأحيانًا في الحياة الواقعية تنقل شخصين وثلاثة و”بلاصة للصاك”، وهي لا تتجاوز سرعتها 25 كلم/س حسب “النية”، لكنها عمليًا قد تحلق فوق الأرصفة.
المشروع أيضًا يفتح الباب لتعديل وزن وأبعاد المركبات، كأن الحكومة تستعد لاحتمال اختراع تروتينيت بشاسيه طويل أو دراجة بدوس مزدوج.
باختصار، بدل أن تنشغل الحكومة بطرق مهترئة أو ممرات الراجلين التي اختفت تحت عجلات العربات، قررت أن تشتغل على “أبجديات التروتينيت” وتقدم لنا درسًا في الفيزياء الحركية والسرعة القصوى.
وفي انتظار مرسوم خاص بسكوترات الأطفال ومقاعد الحنطور الطائر… نكتفي بهذا القدر من الطموح الحضاري.




